Irshad al-Fuhul ila Tahqiq al-Haqq min 'Ilm al-Usul
إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول
Chercheur
الشيخ أحمد عزو عناية، دمشق - كفر بطنا
Maison d'édition
دار الكتاب العربي
Numéro d'édition
الطبعة الأولى ١٤١٩هـ
Année de publication
١٩٩٩م
الْبَحْثُ التَّاسِعُ: فِي اللَّفْظِ إِذَا دَارَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَجَازًا أَوْ مُشْتَرَكًا
هَلْ يُرَجَّحُ المجاز على الاشترك أو الاشترك عَلَى الْمَجَازِ؟
فَرَجَّحَ قَوْمٌ الْأَوَّلَ، وَرَجَّحَ آخَرُونَ الثَّانِيَ.
اسْتَدَلَّ الْأَوَّلُونَ بِأَنَّ الْمَجَازَ أَكْثَرُ مِنَ الِاشْتِرَاكِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، فَرُجِّحَ الْأَكْثَرُ عَلَى الْأَقَلِّ، قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: أَكْثَرُ اللُّغَةِ مَجَازٌ وَبِأَنَّ الْمَجَازَ مَعْمُولٌ بِهِ مُطْلَقًا، فَبِلَا قَرِينَةٍ حقيقة، وَمَعَهَا مَجَازٌ وَالْمُشْتَرَكُ بِلَا قَرِينَةٍ مُهْمَلٌ، وَالْإِعْمَالُ أَوْلَى مِنَ الْإِهْمَالِ، وَبِأَنَّ الْمَجَازَ أَبْلَغُ مِنَ الْحَقِيقَةِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي عِلْمِ الْمَعَانِي وَالْبَيَانِ، وَبِأَنَّهُ أَوْجَزُ كَمَا فِي الِاسْتِعَارَةِ فَهَذِهِ فَوَائِدُ لِلْمَجَازِ، وَقَدْ ذَكَرُوا غَيْرَهَا مِنَ الْفَوَائِدِ الَّتِي لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي الْمَقَامِ، وَذَكَرُوا لِلْمُشْتَرَكِ مَفَاسِدَ مِنْهَا: إِخْلَالُهُ بِالْفَهْمِ عِنْدَ خَفَاءِ الْقَرِينَةِ عِنْدَ مَنْ لَا يُجَوِّزُ حَمْلَهُ عَلَى مَعْنَيَيْهِ أَوْ مَعَانِيهِ، بِخِلَافِ الْمَجَازِ فَإِنَّهُ عِنْدَ خَفَاءِ الْقَرِينَةِ يُحْمَلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ.
وَمِنْهَا: تَأْدِيَتُهُ إِلَى مُسْتَبْعَدٍ مِنْ نَقِيضٍ أَوْ ضِدٍّ كَالْقُرْءِ إِذَا أُطْلِقَ مُرَادًا بِهِ الْحَيْضُ فَيُفْهَمُ مِنْهُ الطُّهْرُ أَوْ بِالْعَكْسِ.
وَمِنْهَا احْتِيَاجُهُ إِلَى قَرِينَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا "مُعَيِّنَةٌ"* لِلْمَعْنَى الْمُرَادِ، وَالْأُخْرَى "مُعَيِّنَةٌ"* لِلْمَعْنَى الْآخَرِ بِخِلَافِ الْمَجَازِ فَإِنَّهُ تَكْفِي فِيهِ قَرِينَةٌ وَاحِدَةٌ.
وَاحْتَجَّ الْآخَرُونَ: بِأَنَّ لِلِاشْتِرَاكِ فَوَائِدَ لَا تُوجَدُ فِي الْمَجَازِ، وَفِي الْمَجَازِ مَفَاسِدُ لَا تُوجَدُ فِي الْمُشْتَرَكِ.
فَمِنَ الْفَوَائِدِ: أَنَّ الْمُشْتَرَكَ مُطَّرِدٌ فَلَا يَضْطَرِبُ، بِخِلَافِ الْمَجَازِ فَقَدْ لَا يَطَّرِدُ كَمَا تَقَدَّمَ١.
وَمِنْهَا: الِاشْتِقَاقُ مِنْهُ بِالْمَعْنَيَيْنِ، فَيَتَّسِعُ الْكَلَامُ نَحْوَ أَقَرَأَتِ الْمَرْأَةُ بِمَعْنَى حَاضَتْ وَطَهُرَتْ وَالْمَجَازُ لَا يُشْتَقُّ مِنْهُ، وَإِنْ صَلُحَ لَهُ حَالَ كَوْنِهِ حَقِيقَةً.
وَمِنْهَا: صِحَّةُ التَّجَوُّزِ بِاعْتِبَارِ "مَعْنَيَيِ"** الْمُشْتَرَكِ فَتَكْثُرُ بِذَلِكَ الْفَوَائِدُ.
وَأَمَّا مَفَاسِدُ الْمَجَازِ الَّتِي لَا تُوجَدُ فِي الْمُشْتَرَكِ فَمِنْهَا: احْتِيَاجُهُ إِلَى الْوَضْعَيْنِ الشَّخْصِيِّ وَالنَّوْعِيِّ، وَالشَّخْصِيُّ باعتبار معناه الأصلي والفرعي للعلاقة.
* في "أ": تعينه. ** في "أ": معنى. _________ ١ انظر صفحة: "٧٤".
1 / 76