فإن قلتَ: قد قال النبي ﵌ لمعاذ بن جبل ﵁: "أتدري ما حق الله على العباد. قال: الله ورسوله أعلم. قال: حقه عليهم أن يعبدوه فلا يشركوا به شيئًا. أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال حقهم عليه أن لا يعذبهم بالنار"١.
قلتُ: هذا الحق الذي أثبته لعباده على نفسه هو الإثابة لهم بإفراده بالعبادة، ولا دليل أنا نسأله بحقهم، وكذلك كما قيل:
ما للعباد عليه حقٌّ واجب
كلا ولا سعيٌ لديه ضايع
إن عذبوا فبعدله أو نعموا
فبفضله وهو الكريم الواسع٢
وورد في دعاء الصلاة٣: "وبحق السائلين عليك"٤. أي: بما وعدت به إجابة السائلين، فهو توسل إلى الله بإجابة السائلين الذي جعله٥ على نفسه حقًا لهم بقوله: ﴿ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ ٦ فهو نظير قول زكريا ﵇: ﴿وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا﴾ ٧ أو المراد: بحقك الواجب على المسلمين٨ من الاخبات وإنزالهم الحاجات بك
_________
١ رواه البخاري (١٣/٣٤٧ فتح) ومسلم (١/٥٩) .
٢ قال ابن القيم ﵀ في مدارج السالكين (٢/٣٣٨): "فالرب سبحانه ما لأحدٍ عليه حقٌّ، ولا يضيع لديه سعيٌ" ثم أنشد البيتين.
٣ في (ب): "الصباح" وهو خطأ.
٤ جزء من حديث رواه الإمام أحمد (٣/٢١) وابن ماجه (١/٢٥٦) وغيرهما.
قال شيخ الإسلام: "وهذا الحديث هو من رواية عطية العوفي عن أبي سعيد وهو ضعيف بإجماع أهل العلم". قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (ص:٢١٥) ثم قال: "ولفظه لا حجة فيه فإنَّ حقَّ السائلين عليه أن يجيبهم وحقَّ العابدين أن يثيبهم ...".
٥ في (أ) و(ب): فعله.
٦ سورة غافر، الآية ٦٠.
٧ سورة مريم، الآية ٤.
٨ في (أ) "الواجب على السائلين أن يفعلوه المسلمين".
1 / 95