Le Coup d'État Ottoman et Turquie Jeune: Histoire la Plus Fidèle du Plus Grand Coup d'État
الانقلاب العثماني وتركيا الفتاة: أصدق تاريخ لأعظم انقلاب
Genres
رأت الدولة العلية إصرار أوروبا على إصلاح الروم؛ فسارعت إلى انتخاب أعضاء المبعوثان، وتطبيق أحكام القانون الأساسي الذي نالت به الأمة العثمانية الحرية وحق الحكم، فلم يفقه الناس إذ ذاك معنى هذه الحرية ولا قدروها حق قدرها، فظنوا أن المبعوثين كبقية الموظفين يشتغلون بمصالح الأمة تحت سيطرة الوزراء والنظار، ليستفيدوا من الرواتب التي ينقدونها، فلم يعنوا بأمر الانتخاب كما يجب. حدثني بعض أحرار الأستانة قال: كنا نحرض الناس على الانتخاب ونسوقهم إليه سوقا، وهم يقولون: ألم يكفنا ما لدينا من المجالس والدوائر المشحونة بالموظفين، حتى نزيد عليها مجلسا جديدا ونتكبد القيام برواتب موظفيه؟! فإن لم يصلح حالنا وتنتظم إدارتنا بجميع ما نراه أمام أعيننا من النظارات والدوائر العظيمة المشتملة على الألوف من الموظفين؛ أتراه يصلح بمجلس المبعوثان؟
هذا ماكان يقال في قاعدة السلطنة ومقر الخلافة، فما بالك بمراكز الولايات والأولوية، إذ كان المنتخبون لا يوصون مبعوثيهم إلا بطلب الرتب والأوسمة والألقاب والمناصب والمخصصات والرواتب لهم ولأقاربهم وذويهم؟! ولمن لاذ بهم وحام حول حماهم، أو بإعفائهم من التكاليف الأميرية والخدمة العسكرية وتخفيف الضرائب والمكوس عنهم ونحو ذلك! مما يعود على الوطن بالخراب لا بالعمران، كأن خزينة الدولة كنز لا يفنى، تمطر عليه الأموال من رحمة الله بغير عد ولا حساب.
افتتاح مجلس المبعوثان وخطاب السلطان
افتتح المجلس العمومي المؤلف من الأعيان والمبعوثان في 4 ربيع الأول سنة 1294 و19 مارت /مارس سنة 1877 في بهو الاستقبال الكبير في سراي طولمة باغجة بمحلة بشكطاش، وتلي النطق السلطاني أمام الحضرة السلطانية وهو:
أيها الأعيان والمبعوثان
إنني أبدي الامتنان بافتتاح المجلس العمومي الذي اجتمع للمرة الأولى في دولتنا العلية، وجميعكم تعلمون أن ترقي عظمة واقتدار الدول والملل إنما هو قائم بالعدل، وأن ما انتشر في العالم من قوة دولتنا العلية وقدرتها في أوائل ظهورها كان من مراعاة العدل في سير الحكومة، ومراعاة حق ومنفعة كل صنف من صنوف الرعية، وقد عرف العالم أجمع تلك المساعدات التي قام بها أحد أجدادنا العظام المرحوم السلطان محمد خان الفاتح في مطلب حرية الدين والمذاهب، وجميع أسلافنا العظام أيضا قد سلكوا على هذا الأثر، فلم يقع في هذا المطلب خلل في وقت من الأوقات، ولا ينكر أن المحافظة على ألسنة صنوف رعيتنا وقوميتهم ومذاهبهم منذ ستمائة عام كانت النتيجة الطبيعية لهذه القضية العادلة. والحاصل بينا كانت ثروة الدولة والملة - الأمة - وسعادتها صاعدتين في مدراج الترقي في تلك الأعصار والأزمان بفضل حماية العدالة ووقاية القوانين؛ أخذنا بالانحطاط تدريجيا بسبب قلة الانقياد للشرع الشريف وللقوانين الموضوعية، وتبدلت تلك القوة بالضعف ... إلخ.
ثم ذكر تنكيل السلطان محمود بالانكشارية، وسبقه لفتح باب إدخال مدينة أوروبا الحاضرة إلى الممالك العثمانية واقتفاء السلطان عبد المجيد خان أثره، وإعلانه أساس التنظيمات الخيرية ... إلخ النطق السلطاني المعروف.
قابل الجميع هذا النطق بالخضوع والركوع (!) وخصص لاجتماع المبعوثين بهو كبير في سراي العدلية - الحقانية - بالقرب من أياصوفيا تحت رياسة أحمد وفيق أفندي الذي صار بعد ذلك باشا، وعين للرياسة بإدارة سنية لا بالانتخابات؛ ولذا كان رقيبا على مدحت باشا، وقد اتهمه حزب تركيا الفتاة بالاستبداد؛ لأن رياسة مجلس المبعوثان شبيهة بوظيفة رئيس الموسيقى المركبة من آلات كثيرة مختلفة، لكل آلة توقيع خاص، فعلى الرئيس أن يلاحظ موازنة الأنغام وائتلاف بعضها ببعض، لتخرج جميعها بصورة مقيدة وليس أن يأخذ آلة من الآلات الموسيقية ويضرب عليها ليوازن ما بينها.
مذاكرات مجلس المبعوثان
كانت الجلسة الأولى مخصصة للمذاكرة في العريضة التي ينبغي تقديمها من مجلس المبعوثان جوابا عن النطق السلطاني، فحررت مسودة الجواب، وأسقط الكاتب منه كلمة «السنة» في الجواب عن فقرة «المحافظة منذ ستمائة عام على السنة»، المذكورة في النطق السلطاني، فقام أحد مبعوثي الروم من الأستانة، وقال ما محصله: «لا يمكننا أن نقبل إسقاط كلمة تدل على أثمن امتياز نلناه؛ لأن لساننا - نحن معشر الروم - هو ثروتنا، فمن سوء الفهم وقلة الأدب نحو جلالة سلطاننا الأعظم أن نمحو كلمة أثبتتها جلالته بنفسها وكررت منحنا ذلك من جديد.» فقال الرئيس: ليس بحثنا في ذلك؛ لأنا لا نعرف في هذا المجلس لسانا غير اللسان العثماني الرسمي. فقال جمهور العثمانيين: «بك أعلى! بك أعلى!» - أي: حسن كثيرا! حسن كثيرا! فقام مبعوث أرمني وأيد كلام المبعوث الرومي، فقال الرئيس ثانية: ليس بحثنا في ذلك، ومع هذا فإني أسأل أعضاء المجلس عما إذا كانت آراؤهم موافقة لرأيي. فقال جمهور المبعوثين: «أڨت أفندم! أڨت أفندم!» - أي: نعم يا سيدي! نعم يا سيدي!
Page inconnue