L'imamat à la lumière du Coran et de la Sunna
الإمامة في ضوء الكتاب والسنة
Genres
ومن المعلوم أن المنزهين لهؤلاء أعظم وأكثر وأفضل، وأن القادحين في علي - حتى بالكفر والفسوق والعصيان - طوائف معروفة، وهم أعلم من الرافضة وأدين، والرافضة عاجزون معهم علما ويدا، فلا يمكن الرافضة أن تقيم عليهم حجة تقطعهم بها، ولا كانوا معهم في القتال منصورين عليهم.
والذين قدحوا في علي رضي الله عنه وجعلوه كافرا وظالما ليس فيهم طائفة معروفة بالردة عن الإسلام، بخلاف الذين يمدحونه ويقدحون في الثلاثة، كالغالية الذين يدعون إلاهيته من النصيرية وغيرهم، وكالإسماعيلية الملاحدة الذين هم شر من النصيرية، وكالغالية الذين يدعون نبوته؛ فإن هؤلاء كفار مرتدون، كفرهم بالله ورسوله ظاهر لا يخفى على عالم يدين الإسلام، فمن اعتقد في بشر الإلهية، أو اعتقد بعد محمد صلى الله عليه وسلم نبيا، أو أنه لم يكن نبيا بل كان علي هو النبي دونه وإنما غلط جبريل، فهذه المقالات ونحوها مما يظهر كفر أهلها لمن يعرف الإسلام أدنى معرفة.
بخلاف من يكفر عليا ويلعنه من الخوارج، وممن قاتله ولعنه من أصحاب معاوية وبني مروان وغيرهم؛ فإن هؤلاء كانوا مقرين بالإسلام وشرائعه: يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، ويصومون رمضان، ويحجون البيت العتيق، ويحرمون ما حرم الله ورسوله، وليس فيهم كفر ظاهر، بل شعائر الإسلام وشرائعه ظاهرة فيهم معظمة عندهم، وهذا أمر يعرفه كل من عرف أحوال الإسلام، فكيف يدعى مع هذا أن جميع المخالفين نزهوه دون الثلاثة ؟
بل إذا اعتبر الذين كانوا يبغضونه ويوالون عثمان، والذين كانوا يبغضون عثمان ويحبون عليا، وجد هؤلاء خيرا من أولئك من وجوه متعددة، فالمنزهون لعثمان القادحون في علي أعظم وأدين وأفضل من المنزهين لعلي القادحين في عثمان، كالزيدية مثلا.
Page 93