350

L'imamat à la lumière du Coran et de la Sunna

الإمامة في ضوء الكتاب والسنة

والجواب أن يقال: إن الفضائل الثابتة في الأحاديث الصحيحة لأبي بكر عمر أكثر وأعظم من الفضائل الثابتة لعلي، والأحاديث التي ذكرها هذا وذكر أنها في الصحيح عند الجمهور، وأنهم نقلوها في المعتمد من قولهم وكتبهم، هو من أبين الكذب على علماء الجمهور؛ فإن هذه الأحاديث التي ذكرها أكثرها كذب أو ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث، والصحيح الذي فيها ليس فيه ما يدل على إمامة علي ولا على فضيلته على أبي بكر وعمر، بل وليست من خصائصه، بل هي فضائل شاركه فيها غيره، بخلاف ما ثبت من فضائل أبي بكر وعمر؛ فإن كثيرا منها خصائص لهما، لا سيما فضائل أبي بكر، فإن عامتها خصائص لم يشركه فيها غيره.

وأما ذكره من المطاعن، فلا يمكن أن يوجه على الخلفاء الثلاثة من مطعن إلا وجه على علي ما هو مثله أو أعظم منه.

فتبين أن ما ذكره في هذا الوجه من أعظم الباطل، ونحن نبين ذلك تفصيلا.

وأما قوله: إنهم جعلوه إماما لهم حيث نزهه المخالف والموافق وتركوا غيره حيث روى فيه من يعتقد إمامته من المطاعن ما يطعن في إمامته".

فيقال: هذا كذب بين؛ فإن عليا رضي الله عنه لم ينزهه المخالفون، بل القادحون في علي طوائف متعددة، وهم أفضل من القادحين في أبي بكر وعمر عثمان، والقادحون فيه أفضل من الغلاة فيه، فإن الخوارج متفقون على كفره، وهم عند المسلمين كلهم خير من الغلاة الذين يعتقدون إلاهيته أو نبوته، بل هم - والذين قاتلوه من الصحابة والتابعين - خير عند جماهير المسلمين من الرافضة الإثني عشرية، الذين اعتقدوه إماما معصوما.

وأبو بكر وعمر وعثمان ليس في الأمة من يقدح فيهم إلا الرافضة، والخوارج المكفرون لعلي يوالون أبا بكر وعمر ويترضون عنهما، والمروانية الذين ينسبون عليا إلى الظلم، ويقولون: إنه لم يكن خليفة يوالون أبا بكر وعمر مع أنهما ليسا من أقاربهم، فكيف يقال مع هذا: إن عليا نزهه المؤالف والمخالف بخلاف الخلفاء الثلاثة ؟

Page 92