والدليل على الوجوب قوله تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (٣٤)﴾ [الإسراء]، في آيات أُخَر وأحاديث ليس هذا محل ذكرها (١) (٢).
وفي تفسير القرطبي: والعرب تمدح الوفاء بالوعد، وكذلك سائر الأُمم.
وقد أحسن القائل حيث يقول:
مَتَى مَا يَقُل حُرٌّ لِصَاحِبِ حَاجَةٍ ... نَعَم يَقْضِهَا وَالحُرُّ لِلْوَأْيِ (٣) ضَامِنُ (٤)
_________
= الواردة في الباب، كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: ١] وغيرها، من الآيات الدالة بظاهرها على الوجوب. واستدلوا أيضًا بعدة أحاديث، منها حديث: "العِدَةُ دَيْنٌ"، وحديث: "العِدَةُ عَطِيَّةٌ"، وقد سبق الكلام على سندها.
وأما القائلون بعدم وجوب الالتزام بالوعد فاحتجوا بانعقاد إجماع العلماء على عدم لزوم الوفاء بالدين في حق من وعد رجلًا بمال فأفلس، فإنه لا يُضرَب للمَوعُود بالوعد مع الغرماء اتِّفاقًا، ولا ينزل منزلة ديون غرمائه عليه.
وقد رَجَّحَ جَمْعٌ مِن أَهْلِ الْعِلْمِ وُجُوب الوفاء بالوعد، وعدم جواز إخلافه، ولكن لا يُلزَم به جَبْرًا وإنما يؤمر به ولا يجبر عليه.
ولمزيد من البيان يُنظر: فتح الباري ٥/ ٣٤١ - ٣٤٤، أضواء البيان ٤/ ٣٠٠ - ٣٠٥.
(١) غاية المنتهى مع شرحه مطالب أولي النهى ٦/ ٤٣٥.
(٢) ساق الحافظ السخاوي جمعًا من الأدلة من السنَّة النبوية على وجوب الوفاء بالوعد، والالتزام بأدائه في رسالته الماتعة "التماس السعد" ص ٧٣ - ٩٦، فانظره إن شئت.
(٣) الوَأْيُ: وَأَى وَأْيًا وهو الوَعْد. انظر: لسان العرب [مادة: وأي].
(٤) تفسير القرطبي ١١/ ١١٥.
1 / 31