ويروون بيت المخبل السعدي في الزبرقان:
يا زبرقان أخا بني خلف
ما أنت - ويب أخيك - والفخر
فيرتضون الرفع ويجيزون النصب أيضا، وليس فيه إلا الرفع ليدل على معناه، فإنه استفهامان، كأنه قال: ما أنت وما الفخر، ولا يصور هذا إلا العطف، كما ترى في قول الآخر:
تكلفني سويق الكرم جرم
وما جرم؟ وما ذاك السويق؟
فهذا فرق ما بين الإعرابين، ولكل موضع. أجل؛ إنه فرق دقيق، ولكنه حق يجب أن يفطن له ليفهم الكلام على وجهه وليسلك به سبيله.
وفصل القضية في هذا الباب، أنك إذا أردت معنى المصاحبة، وكانت الواو في معنى «مع» وجب النصب، وكان ذلك سائرا مع أصلنا، فإن الاسم بعد هذه الواو من تمام الحديث، ليس بمتحدث عنه ولا بمضاف إليه، فحكمه النصب، وإذا لم ترد معنى المصاحبة أو المعية - كما هو الاصطلاح - فإنها واو العطف.
على أن هذا الرأي قد صرح به بعض المحققين من النحاة. قال الرضي في شرح الكافية في مناقشة بعض مواضع المفعول معه ما نصه: «الأولى أن يقال: إن قصد النص على المصاحبة وجب النصب، وإلا فلا.»
وقريب منه ما نقل عن الإمام بدر الدين الإسكندري الدماميني، ونقله الصبان في حاشيته على الأشموني، والخضري في حاشيته على ابن عقيل، ونصه من الخضري: «واعلم أن المعنى يختلف بالرفع والنصب؛ لأن النصب نص في المعية، والرفع لمطلق الجمع، كما هو شأن الواو العاطفة، فكيف يرجح العطف مع اختلاف المعنى؟ فالوجه أن يقال: إن قصدت المعية نصا فالنصب، أو بقاء الاحتمال والإبهام فالرفع، أو لم يقصد شيء جاز الأمران، ولعل هذا الأخير محمل كلامهم. ا.ه. دماميني.»
Page inconnue