قال جمال الدين الأسنوي في التمهيد ما نصه: اتفقوا على أن التأكيد خلاف الأصل لا والأصل في وضع الكلام إنما هو افهام السامع ما ليس عنده فإذا دار اللفظ بين التأسيس والتأكيد تعين حمله على التأسيس، انتهى وهو عير قليل في كلامهم، حتى أنهم قد ذكروه في علم المعاني والبيان كما في التلخيص وشروحه، وقد قيل أيضا: أن هذا الأمر يفيد بحسب العرف عموم الأوقات وغيرها كما في قولك: اللهم وفقنا لما تحب وترضى، إذ ليس المراد منه وقتا دون وقت فتعم الخلافة في الحياة وبعد الموت لعدم العرف، بل ينبغي أن يكون بعد الموت أولى من قبل الموت، واندفع أيضا ما يقال: أن تصرف هارون... أمره وحكمه لو بقى بعد موسى إنما يكون لنبوته لا لاستخلاف موسى له، وإنما كان مندفعا؛ لأنا جعلنا نبوة هارون وجها في اثبات المطلوب كما قررناه، واندفع أيضا ما يقال: أن هذا الحديق وإن دل على استحقاق علي كرم الله وجهه للخلافة بعد النبي عليه الصلاة والسلام لكنه لا يدل على استحقاقه للخلافه بعده بلا فاصل لا بد لذلك من دليل، ووجه اندفاعه ظاهر مما أشرنا إليه من أنه لو لم يكن هو الخليفة بعده بلا فاصل لغاب معنى التشبيه والتمثيل وسقط معنى تقديم المسند إليه، وأيضا فمن سلم دلالته على استحقاقه للخلافة لم يقل بالفاصل، فإن قلت: سلمنا هذا كله، لكن مرجعه في التحقيق إلى القدح في مستندات..... المتتابعة وذلك غير مقبول في قانون المناظرة، وتوجيه البحث،كيف وقد زعم بعضهم أنه لا دلالى على عموم المنازل واستغراقها بوجه من الوجوه، إذ ليس ثمة شي من أداة الاستغراق أصلا، والتمسك بالاستثناء مع قيام احتمال الانقطاع لا يجدي نفعا إذ لا يتم الاستدلال بمحتمل فمن أين جاء الاستغراق الذي لا يتم الاستدلال هنا[81] إلا بثبوته.
قلت: أما أن ما ذكرناه مرجعه في التحقيق إلى القدح في مستندات الممنوع المتتابعة فحق، وإما أنه غير مقبول على الاطلاق فلا.
أما أولا: فلأن كل عارف له سكة من الانصاف يعترف بالبديهية وأول نظر بأن هذا الحديث الشريف يفيد نصا بخلافته كرم الله وجهه كما اعترف بذلك ابن حجر المكي في شرح الهمزية من .... شرحه لقول البويصيري:
Page 179