وأما نحن فلا حاجة بنا إلى هذا فإنا قد قررنا الاستدلال بالحديث المذكور أولا على وجه يندفع به عنه جميع الاعتراضات ويتم به المطلوب على أبلغ الوجوه إن شاء الله تعالى، فقد اتضح ما قررناه أن منه المعترض المذكور .... من منه المكابرة والعناد فلا يلتفت إليه كظهور العموم الكاشف عنه الاستثناء وكون العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب اجماعا وكون أخوة هارون لموسى عليهما السلام بمعزل عن المقصود ولما أشرنا إليه من أن المقصود ما يرجع إلى التبيلغ والرياسة العامة بقرينة الاستثناء.... المذكور أيضا، وقد اندفع بذلك التقرير أيضا ما يقال من أن الاستثناء منقطع بمعنى لكن فلا يكون إخراجا لبعض أفراد المنزلة ووجه الندفاع ظاهر مما أشرنا إليه في أن الاستثناء موضوع لإخراج ما لولاه لدهل إلخ، فالقول بأنه عنا منقطع عدول عن الأصل وذهاب إلى المجاز عندهم من غير دليل .. كان كذلك كان باطلا، والخصم قائل بأن المنقطع مجاز، وقائل بأنه لا التفات إلى المجاز مع إمكان الحقيقة، واندفع أيضا ما يقال أن الاستثناء معلول لثبوت العموم فلو استفيد العموم من الاستثناء لزم شائبة الدور المحال، وأما ما كان مندفعا؛ لأنا أشرنا إلى أن الاستثناء قرينة كائفة لا أنه هو المصحح للعموم فالاستثناء متوقف على ثبوت العموم، وليس بثوت العموم متوقفا على ثبوت الاستثناء كما في قوله تعالى: {إن الإنسان لفي خسر}، واندفع أيضا ما ياقل أنه يصح الاستثناء في العدد ولا عموم فيه، وأما ما كان مندفعا؛ لأن قولنا يفيد عموم المنازل إلخ اشتمل على إشارة إلى أن المراد بالعموم هو أن يكون المستثنى منه عاما للمستثنى وغيره مما هو من قبيله ونوعه ولا شك في أن قولك جاءني عشرة إا واحدة إخراج؛ لأن من أشيئا عامة ولغيره من نوعه فليفهم، واندفع أيضا ما يقال من أنه هارون عليه السلام مات قبل موسى فلا يبقى عموم المنازل سالما عن التخصيص فتسقط .....
وأما ما كان منه تعالى [80] لما كذرناه من أن المراد عموم المنازل الراجعة إلى التبليغ ... بطلانه ..... غفل ابن حجر في شرح.... غفلة ظاهرة حيث ذكر أن موسى ... احتجاج الشيعة بهذا الحديث، وغفل أيضا عن كون موت هارون قبل موسى يحقق مطلوب الشيعة إذ يدل الاستثناء على عموم المنازل الراجعة إلى التبليغ؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يجهل موت هارون قبل موسى عليهما السلام ولا يخفى أنه ليس المراد بالبعدية المذكورة في قوله: ((لا نبي بعدي)) بعد الموت أن المراد لا نبي بعد بنوتي، ووجوده عليه السلام كما أشرنا إليه، والشيعة ما قالوا أن معناه أنت مني بمنزلة هارون في كونه يخلف موى بعد موته.
Page 177