أحدهما: أن قوله عليه الصلاة والسلام: ((أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي)) أي بعد نبوتي الخاتمة لسائر النبوات يفيد عموم المنازل والماتب الراجعة إلى التبليغ بقرينة الاستثناء المذكور فإن الاستثناء موصوع الإخراج بالولا لدهل في المشتثنى منه، ولذا صرح صاحب جمع الجوامع وغيره بأن الاستثناء .....العموم فلو لم يكن هناك عموم لما صح الاستثناء لكن اللازم باكل قطعا واجماعا فالملزوم باطل أيضا فثبت عموم المنازل والمراتب الراجعة إلى التبليغ وكلا .... ذلك ثبت المطلوب ولا غيره مخصوص السبب كما روي أنه كان ذلك في غزوة تبوك واستخلاف علي رضي الله عنه على المدينة، وإنما قلنا: أنه ثبت المطلوب؛ لأن من منازل هارون خليفة لؤمن.... بدليل قوله تعالى حكاة عم موسى: {اخلفني في قومي} ولأصل في هذا الأمر هو التأسيس فيلزم من ذلك استمرار خلافته لو عاش ومات وموسى وإلا كان معزولا عنها، ومع أنه لا دليل على العزل يكون نقصا وخطأ لمرتبة المعزول، وذلك غير حائز في حق هارون لكونه... مرسلا وأيضا فعلة الاستخلاف التي هي حفظ الشريعة عن الزيادة والنقصان وحراسة الدين عن التغيير والتبديل ... في الحالتين أي حالة الحياة والموت بل الاحتياج إلى ذلك فيما بعد الموت أشد، وكلما ثبت الاشتراك في العلة وجب الاشتراك في المعلول كما اعترف به الخصم فيما سيأتي من مسألة الرؤية إن شاء الله تعالى.
الوجه الثاني: أنه أي هارون كان مفترض الطاعة مع موسى مشاركا في أمر التبليغ، وهذا مما لا يحتاج إلى دليل فإن احتجت إليه فقوله تعالى: {إنا رسولا ربك} قوله تعالى حكاية عن موسى:
Page 174