وأما الثانية: فلأنه رواه الدارقطني عن عثمان بن أحمد، عن إسحاق ابن إبراهيم بن سلمة، عن يحيى بن هاشم، عن الأعمش، عن شقيق، عن ابن مسعود .
وقال البيهقي: هذا ضعيف، لا أعلم رواه عن الأعمش غير يحيى ابن هاشم، وهو متروك الحديث. انتهى .
فمع ضعفهما كيف يثبت منهما المطلوب، لأنا نقول: عدم كون التسمية فرضا في الوضوء هو الأصل، لا يحتاج لإثباته إلى دليل، فضلا عن دليل قوي، وإنما احتجنا إليه لحصول(1)الاطمئنان، وهو حاصل بهذين الحديثين، ولو كانا ضعيفين، كيف لا، وقد تأيد ذلك بحديث المسيء صلاته .
وأما كونها فرضا كما هو مذهب الخصم، فهو محتاج البتة(2)إلى دليل قوي صريح، ولم يوجد إلى الآن ، كما أشرنا إليه. فافهم .
وبعد اللتيا واللتي، نقول الكلام في هذا المقام عندنا من وجوه :
الأول : أن أصحابنا بعدما اتفقوا على أن التسمية ليست بفرض عند الوضوء حتى لو تركها أجزأه، اختلفوا على ثلاثة أقوال :
أحدها: أنها سنة مؤكدة عند ابتداء الوضوء، أما كونها سنة فلورود الأحاديث السابقة بمقتضى التأويل المذكور، ولولاه لكانت واجبة، وأما كونها عند ابتداء الوضوء فلدلالة حديث عائشة المذكور سابقا عليه، وهذا هو مختار كثير من أصحابنا، والمنصوص في عبارات فقهائنا .
Page 72