L'Administration islamique au zénith des Arabes
الإدارة الإسلامية في عز العرب
Genres
منها: أنه أول من وضع الحشم للملوك، ورفع الحراب بين أيديهم، ووضع المقصورة التي يصلي فيها الخليفة منفردا عن الناس، وهو أول مسلم غزا في البحر وأنشأ الأسطول في صناعة صور وعكا وطرابس، وغزا الروم، ولما فتح قبرص ورودس كان معه 1700 سفينة، وأهم ما قام به: تنظيم الجيش، فضاعف عطاءه، ووقت أوقاتا لتناول أرزاق الجند، ووفق إلى استخدام أكبر رجال الإدارة وأعظمهم: زياد ثم عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة والضحاك بن قيس وأبو الأعور السلمي ومسلم بن عقبة وبسر بن أبي أرطاة وحبيب بن سلمة، وكان إذا لامه أهله على كثرة بذله المال للعلويين والهاشميين أجابهم: إن الحرب تستلزم نفقات أكثر من هذا العطاء.
وهو أول من وضع البريد، أحضر رجالا من دهاقين الفرس وأهل عمال الروم فعرفهم ما يريد فوضعوا له البريد، واتخذوا له بغالا بأكف كان عليها سفر البريد ، وكان لا يجهز عليه إلا الخليفة أو صاحب الخبر؛ لتسرع إليه أخبار بلاده من جميع أطرافها. وهو الذي اخترع ديوان الخاتم وحزم الكتب ولم تكن تحزم. واستكتب عبد الله بن أوس الغساني سيد أهل الشام، وجعل على كل قبيلة من قبائل مصر رجلا يصبح كل يوم فيدور على المجالس، فيقول: هل ولد الليلة فيكم مولود؟ وهل نزل بكم نازل؟ فيقال: ولد لفلان غلام ولفلان جارية. فيكتب أسماءهم، ويقال: نزل بهم رجل من أهل كذا بعياله. فيسميه وعياله، فإذا فرغ من القبيل أتى الديوان حتى يثبت ذلك، وعلى هذا كانت الدولة تحصي السكان، ولا يفوتها خبر من ينتقل في أرجاء البلدان.
واستخدم معاوية النصارى في مصالح الدولة، وكان عمر يمتنع من استخدامهم إلا إذا أسلموا، فعهد إلى سرجون بن منصور، ثم إلى ابنه منصور بن سرجون من نصارى الشام، بإدارة أمواله. وكان منصور والد سرجون على المال في الشام من عهد هرقل قبل الفتح، ساعد المسلمين على قتال الروم بأن أبى أن يمسك الرجال بالمال
41
قائلا: إن الملك أي هرقل غير محتاج إلى هذا العسكر العظيم؛ لأنه يحتاج إلى مال كثير وليس بدمشق مال عظيم، قالوا: إنه أراد بذلك أن يسمع الرجال أن ليس بدمشق مال يعطيهم، فيتفرق الجند ويسلم المدينة إلى العرب.
كان معاوية يحب الانتفاع من كل قوة تستخدم في قيام الدولة، وتعين على انتظام الجماعة، ولما رحل جبلة بن الأيهم
42
إلى الروم، وارتد عن إسلامه، دعاه معاوية بن أبي سفيان إلى الرجوع إلى الإسلام، ووعده إقطاع الغوطة بأسره. يريد بذلك تلافي خطأ عمر بن الخطاب يوم أبى إلا إقامة الحد على جبلة فكان من ذلك فراره إلى الروم، و«كان آل جفنة عمال القياصرة على عرب الشام كما كان آل نصر عمال الأكاسرة على عرب العراق.»
وباتخاذ دمشق دار الخلافة بعد أن كانت دار إمارة الشام وحدها، انتقلت سياسة الملك من المدينة فكثر سكان الفيحاء من العرب، يقصدها طلاب العمل وغيرهم من الأقطار ، ويختص الخليفة أهل الشام بعنايته ، ويستعمل الصالحين من أهل الذمة في أعماله الإدارية. ورأى النصارى أكثرية في الشام، فنقل إلى السواحل قوما من زط البصرة والسيابجة، وأنزل بعضهم أنطاكية، وأصل الزط من السند يغلب السواد على سحناتهم، ونقل قوما من فرس بعلبك وحمص وأنطاكية إلى سواحل الأردن وصور ونقل من أساورة
43
Page inconnue