L'Administration islamique au zénith des Arabes
الإدارة الإسلامية في عز العرب
Genres
45
وهو أول من دون الدواوين على مثال دواوين الفرس والروم، دونها له عقيل بن أبي طالب ومخرمة بن نوفل وجبير بن مطعم، وكانوا من نبهاء قريش لهم علم بالأنساب وأيام الناس. والديوان الدفتر أو مجتمع الصحف والكتاب يكتب فيه أهل الجيش وأهل العطية. وعرفوا الديوان بأنه موضع لحفظ ما تعلق بحقوق السلطنة من الأعمال والأموال ومن يقوم بها من الجيوش والعمال، وأطلق بعد حين على جميع سجلات الحكومة وعلى المكان الذي يجلس فيه القائمون على هذه السجلات والأضابير والطوامير. وثبت أنه كان له سجن
46
وأنه سجن الحطيئة على الهجو، وسجن ضبيعا على سؤاله عن الذاريات والمرسلات والنازعات وشبههن، وضربه مرة بعد مرة ونفاه إلى العراق، وكتب أن لا يجالسه أحد فلو كانوا مائة تفرقوا عنه حتى كتب إليه عامله أن حسنت توبته، فأمره عمر فخلى بينه وبين الناس. وكانت أعمال عمر جدا كلها لا يجوز لأحد أن يجلس في المسجد في غير أوقات الصلاة، وبنى في المسجد رحبة تسمى البطيحا، قال: من كان يريد أن يلغط أو ينشد شعرا أو يرفع صوته فليخرج إلى الرحبة. وما كان المسجد في أيامه لغير الصلاة والقضاء، وكان الخلفاء الراشدون يجلسون في المسجد لقضاء الخصومات. ولما كثرت الفتوحات وأسلمت الأعاجم وأهل البوادي وكثر الولدان أمر عمر ببناء بيوت المكاتب، ونصب الرجال لتعليم الصبيان وتأديبهم.
47
وضع عمر أول ديوان في الإسلام للخراج والأموال بدمشق والبصرة والكوفة على النحو الذي كان عليه قبل. وقيل: إن أول ديوان وضع في الإسلام هو ديوان الإنشاء
48
ودواوين الشام تكتب بالرومية، ودواوين العراق بالفارسية، ودواوين مصر بالقبطية، يتولاها النصارى والمجوس دون المسلمين. والسبب في تدوين الدواوين: أن عامل عمر على البحرين أتاه يوما بخمسمائة ألف درهم فاستعظمها، وجعل عليها حراسا في المسجد، فأشار عليه بعض من عرفوا فارس والشام أن يدون الدواوين يكتبون فيها: «الأسماء وما لكل واحد، وجعل الأرزاق مشاهرة» وجعل عمر تابوتا أي صندوقا لجمع صكوكه ومعاهداته. وجند الأجناد أي ألف الفيالق، فصير فلسطين جندا والجزيرة جندا، والموصل جندا وقنسرين
49
جندا، وأصبح كل جند في الشام والعراق يتألف من مقاتلة المسلمين، يقبضون أعطياتهم من البلد الذي نزلوه، فأصبحت الجندية خاصة بفئة من المسلمين، ويسير الناس بقضهم وقضيضهم إلى الزحف عند الحاجة حتى النساء والأولاد. وما كان الجند يجعلون كلهم في المسالح بل يترك بعضهم في البلاد يكونون على استعداد للوثبة عند أول إشارة، والغالب أنه كان يترك فضل في بيوت الأموال خارج الحجاز يستخدم في طارئ إذا طرأ، وما كانت الصوافي تحمل كلها إلى الحجاز، بل يدخر بعضها في بيوت الأموال في الشام والعراق ومصر، وجزء عظيم من دخل الدولة يصرف في الوجوه التي أشرنا إليها.
Page inconnue