على مُقْتَضى اللُّغَة وَلَيْسَ فِي ذَلِك إِنْكَار الْآيَة فحاشاهم من ذَلِك وَأما حمله على الْجُلُوس والاستقرار فَهُوَ الزيغ الْمُبين
وَقَالَ الشَّيْخ عَلَاء الدّين بن عابدين رحمهمَا الله تَعَالَى فَإِن السّلف كَانُوا يُؤمنُونَ بِجَمِيعِ ذَلِك على الْمَعْنى الَّذِي اراده الله تَعَالَى وأراده رَسُوله ﷺ من غير أَن تطالبهم أنفسهم بفهم حَقِيقَة شَيْء من ذَلِك حَتَّى يطلعهم الله تَعَالَى عَلَيْهِ
وَأما الْخلف فَلَمَّا ظَهرت الْبدع والضلالات ارتكبوا تَأْوِيل ذَلِك وَصَرفه عَن ظَاهره مَخَافَة الْكفْر فَاخْتَارُوا بِدعَة التَّأْوِيل يَعْنِي التَّوَسُّع فِيهِ على كفر الْحمل على الظَّاهِر الموهم للتجسيم والتشبيه وَقَالُوا اسْتَوَى بِمَعْنى استولى أَو بِمَعْنى اسْتَوَى عِنْده خلق الْعَرْش وَخلق الْبَعُوضَة أَو اسْتَوَى علمه بِمَا فِي الْعَرْش وَغَيره
وَالْيَد بِمَعْنى الْقُدْرَة وَالنُّزُول بِمَعْنى نزُول الرَّحْمَة
فَمن يجد من نَفسه قدرَة على صَنِيع السّلف فليمش على سُنَنهمْ وَإِلَّا فَليتبعْ الْخلف وليحترز من المهالك
قَالَ الإِمَام الْكَمَال بن الْهمام رَحمَه الله تَعَالَى الأَصْل أَنه على الْعَرْش اسْتَوَى قَالَ الْعَلامَة قَاسم فِي شَرحه مَعَ الحكم بِأَنَّهُ لَيْسَ كاستواء الْأَجْسَام على الْأَجْسَام من التَّمَكُّن والمماسة والمحاذاة بل بِمَعْنى يَلِيق بِهِ سُبْحَانَهُ هُوَ سُبْحَانَهُ أعلم بِهِ وَحَاصِله وجوب الْإِيمَان بِأَنَّهُ اسْتَوَى على الْعَرْش مَعَ نفي التَّشْبِيه فَأَما كَون المُرَاد أَنه استيلاؤه على الْعَرْش فَأمر جَائِز الْإِرَادَة إِذْ لَا دَلِيل على أَنه أَرَادَهُ عينا فَالْوَاجِب عينا مَا ذكرنَا من الْإِيمَان بِهِ مَعَ نفي التَّشْبِيه وَإِذا خيف على الْعَامَّة عدم فهم الاسْتوَاء إِذا لم يكن بِمَعْنى الِاسْتِيلَاء إِلَّا باتصال وَنَحْوه من لَوَازِم الجسمية وَأَن لَا ينفوا أَي لَا ينفوا مَا ذكره من لَوَازِم الجسمية فَلَا بَأْس بِصَرْف فهمهم إِلَى الإستيلاء فَإِنَّهُ قد ثَبت إِطْلَاقه وإرادته لُغَة فِي قَول الشَّاعِر
1 / 57