Les couches des Hanbalites
اعتقاد الإمام المبجل ابن حنبل(ذيل طبقات الحنابلة)
Chercheur
محمد حامد الفقي
Maison d'édition
دار المعرفة
Lieu d'édition
بيروت
وكان يقول في معنى الاستواء هو العلو والارتفاع ولم يزل الله تعالى عاليا رفيعا قبل أن يخلق عرشه فهو فوق كل شيء والعالي على كل شيء وإنما خص الله العرش لمعنى فيه مخالف لسائر الأشياء والعرش أفضل الأشياء وأرفعها فامتدح الله نفسه بأنه على العرش استوى أي عليه علا ولا يجوز ان يقال استوى بمماسة ولا بملاقاة تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا والله تعالى لم يلحقه تغير ولا تبدل ولا يلحقه الحدود قبل خلق العرش ولا بعد خلق العرش
وكان ينكر على من يقول إن الله في كل مكان بذاته لأن الأمكنة كلها محدودة وحكى عن عبدالرحمن بن مهدي عن مالك أن الله تعالى مستو على عرشه المجيد كما أخبر وأن علمه في كل مكان ولا يخلو شيء من علمه وعظم عليه الكلام في هذا واستبشعه
فهو سبحانه عالم بالأشياء مدبر لها من غير مخالطة ولا موالجة بل هو العالي عليها منفرد عنها وقرأ أحمد بن حنبل قوله تعالى
﴿وهو القاهر فوق عباده﴾
وقرأ
﴿إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه﴾
وقرأ
﴿يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون﴾
وقرأ
﴿إني متوفيك ورافعك إلي﴾
وقرأ
﴿يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون﴾
وذهب أحمد بن حنبل رضي الله عنه إلى أن الله عز وجل يغضب ويرضى وأن له غضبا ورضى وقرأ أحمد قوله عز وجل
﴿ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى﴾
فأضاف الغضب إلى نفسه وقال عز وجل
﴿فلما آسفونا انتقمنا منهم﴾
قال ابن عباس يعني اغضبونا وقوله أيضا
﴿فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه﴾
ومثل ذلك في القرآن كثير والغضب والرضى صفتان له من صفات نفسه لم يزل الله تعالى غاضبا على ما سبق في علمه أنه يكون ممن يعصيه ولم يزل راضيا على ما سبق في علمه أنه يكون مما يرضيه
وأنكر أصحابه على من يقول إن الرضى والغضب مخلوقان قالوا من قال ذلك لزمه أن غضب الله عز وجل على الكافرين يفنى وكذلك رضاه على الأنبياء والمؤمنين حتى لا يكون راضيا على أوليائه ولا ساخطا على أعدائه وسمى ما كان عن الصفة باسم الصفة مجازا في بعض الأشياء وسمى عذاب الله تعالى وعقابه غضبا وسخطا لأنهما عن الغضب كانا
Page 297