Ictiqad
الاعتقاد للبيهقي - ت: أبو العينين
Chercheur
أحمد عصام الكاتب
Maison d'édition
دار الآفاق الجديدة
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٠١
Lieu d'édition
بيروت
لِلْبَشَرِ، وَهَذَا مِمَّا أَنْكَرَهُ اللَّهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ؛ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا﴾ [الكهف: ١٠٩]، فَلَوْ كَانَتِ الْبِحَارُ مِدَادًا يُكْتَبُ بِهِ لِنَفِدَتِ الْبِحَارُ وَتَكَسَّرَتِ الْأَقْلَامُ وَلَمْ يَلْحَقِ الْفَنَاءُ كَلِمَاتِ اللَّهِ ﷿ كَمَا لَا يَلْحَقُ الْفَنَاءُ عِلْمَ اللَّهِ؛ لِأَنَّ مَنْ فَنِيَ كَلَامُهُ لَحِقَتْهُ الْآفَاتُ وَجَرَى عَلَيْهِ السُّكُوتُ، فَلَمَّا لَمْ يَجْرِ ذَلِكَ عَلَى رَبِّنَا ﷿ صَحَّ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا وَلَا يَزَالُ مُتَكَلِّمًا، وَقَدْ نَفَى النَّفَادَ عَنْ كَلَامِهِ كَمَا نَفَى الْهَلَاكَ عَنْ وَجْهِهِ. وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ ﷿: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ [التكوير: ١٩]، مَعْنَاهُ: قَوْلٌ تَلَقَّاهُ عَنْ رَسُولٍ كَرِيمٍ أَوْ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولٍ كَرِيمٍ، أَوْ نَزَلَ بِهِ رَسُولٌ كَرِيمٌ. فَقَدْ قَالَ: ﴿فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٦]، فَأَثْبَتَ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ ﷿، وَلَا يَكُونُ شَيْءٌ وَاحِدٌ كَلَامًا لِلرَّسُولِ ﷺ وَكلَامًا لِلَّهِ، دَلَّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِ مَا قُلْنَا، وَقَوْلُهُ: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ [الزخرف: ٣] مَعْنَاهُ: سَمَّيْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَأَنْزَلْنَاهُ مَعَ الْمَلَكِ الَّذِي أَسْمَعْنَاهُ إِيَّاهُ حَتَّى نَزَلَ بِهِ بِلِسَانِ الْعَرَبِ لِيَعْقِلُوا مَعْنَاهُ، وَهُوَ كَمَا قَالَ اللَّهُ ﷿: ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ﴾ [النحل: ٦٢]، يَعْنِي: يَصِفُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الْخَلْقَ. وَقَوْلُهُ: ﴿مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾ [الأنبياء: ٢] يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ ذِكْرًا غَيْرَ الْقُرْآنِ، وَهُوَ كَلَامُ الرَّسُولِ ﷺ وَوَعْظِهِ إِيَّاهُمْ بِقَوْلِهِ ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ
1 / 97