Ibrahim II
إبراهيم الثاني
Genres
وقال: «إن السؤال الأول - والأولى بالتقديم، والذى يقع على المحز ولا يترك سبيلا إلى المراوغة والهرب - هو: هل أستطيع أن أستغنى عن تحية؟»
فهزت نفسه رأسها بشدة أن: «لا».
قال: «كلا، لا أحسبنى قادرا على ذلك، أو مطيقا له، وما أظن بتحية إلا أنها قد صارت «عادة لى».
فقالت نفسه: «نعم عادة، ولم لا؟ أى ضير فى هذا؟ إن كل إنسان حزمة من عادات تكبر وتضخم، شيئا فشيئا، على الأيام مع ارتفاع السن، ويحسن أن توطن نفسك على هذا، وليست تحية بالعادة المفردة فإن هذا الحساب العقيم الذى لا تزال تؤديه، وتكلفنى أداءه، وتسود به عيشى معك، عادة أخرى. وأقول الحق إنك أتعبتنى وقد مللت صحبتك، ولو كنت تصدر عن رأيي، وتعمل بمشورتى، ولكنك عنيد مكابر».
قال: «وكيف بالله أصنع وأنت تشيرين بالرأى ونقيضه؟»
فأحست نفسه أنها تهورت، فأقصرت وقالت: «مهلا، فليس هذا وقته، لقد كنا نقول إنه لا غنى عن تحية، وإنها عادة لك، انتهينا إذن».
فقال: «كلا لم ننته، فهل أنا أحبها؟»
قالت: «يا أخى ما قيمة هذا؟ ثم إنك تحبها ولا شك حبا هادئا لا فائرا عارما كما كان فى البداية، ولكل فورة سكون، ولكل جديد لذته ثم تبلى الجدة، وتذهب معها اللذة، كالثياب..».
فثار بها مقاطعا: «قبحك الله، تشبهين تحية بثوب يبلى ويطرح، ويخلع على فقير؟»
قالت: «ها، ألم أقل لك إنك تضمر لها حبا وإكبارا؟»
Page inconnue