103

إذا كنا سفرا أو مسافرين ألا ننزع أخفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، ولكن لا تنزع من غائط وبول ونوم.

وقد استفاض عن الرسول في الصحيح أنه

صلى الله عليه وسلم

مسح على الخفين، وتلقى عنه أصحابه ذلك، فأطلقوا القول بجواز المسح على الخفين، ونقلوا عنه أيضا أمره بذلك مطلقا ... ومعلوم أن الخفاف في العادة لا يخلو كثير منها من فتق أو خرق، ولا سيما مع تقادم عهدها، وكان كثير من الصحابة فقراء لم يكن يمكنهم تجديد ذلك ...

فلما أطلق الرسول الأمر بالمسح على الخفاف مع علمه بما هي عليه من العادة، ولم يشترط أن تكون سليمة من العيوب، وجب حمل أمره على الإطلاق، ولم يجز أن يقيد كلامه إلا بدليل شرعي. وكان مقتضى لفظه أن كل خف يلبسه الناس ويمشون فيه عادة فلهم أن يمسحوا عليه، وإن كان مفتوقا أو مخروقا من غير تحديد لمقدار ذلك، فإن التحديد لا بد له من دليل.

25

وأخيرا، بهذه الأمثلة التي ترينا أن شيخ الإسلام كان أمينا في تطبيق منهجه العام في الفقه، أمانته في تطبيقه في سائر العلوم، انتهينا من القسم الأول من هذا الكتاب، وهو القسم الذي قصرناه على بحث عصره وحياته ومنهجه، وننتقل بعد ذلك إلى القسم الثاني الذي نقصره على فقهه وآرائه الاجتماعية والسياسية وغير ذلك من مختلف الآراء التي ذهب إليها.

القسم الثاني

آراؤه في الدين والحياة

الباب الأول

Page inconnue