7
إذا أفرط وتفاقم كان قريبا من أن يظن أنه ليس هنالك أنف، وإذا كان غير مفرط قرب من الاعتدال.
ويحتاج مع ذلك أن يعرف السنن التي وضعها كثير من الناس فانتفعوا بها.
فهذه هي الأمور العظمى التي بها يشير المشيرون على أهل المدن، والذين تكلموا في هذه الصناعة فلم يتكلموا من هذه الأشياء إلا فيما يجري مجرى الأمور الكلية، مثل أنهم قالوا: ينبغي للخطيب أن يعظم الشيء الصغير إذا أراد تفخيمه، ويصغر الشيء الكبير إذا أراد تهوينه، وينبغي له ألا يأذن في الأشياء التي تفسد صلاح الحال، وفي الأشياء التي تعوق عن صلاح الحال إلى ضده، ولم يقولوا ما هي الأشياء التي يعظم بها الشيء أو يصغر، ولا ما هي الأشياء التي توجب اختلال صلاح الحال أو تعوقه أو تتجاوزه إلى ضده.
فأما صلاح الحال فهو حسن الفعل مع فضيلة وطول من العمر، وحياة لذيذة مع السلامة والسعة في المال مع حرية، بشرط أن يكون الإنسان متمتعا، أي ملتذا لا حافظا للمال فقط أو منميا.
ومن الأمور النافعة في اليسار والفاعلة له الأشجار المثمرة والغلات من كل شيء، واللذيذ من هذه هو ما يجنى بغير تعب ولا نفقة ، وأما فضيلة الجسد فالصحة، وذلك أن يكونوا عارين من الأسقام البتة، وأن يستعملوا أبدانهم؛ لأن من لا يستعمل صحته فليس تغبط نفسه بالصحة.
وأما الحسن فإنه مختلف باختلاف أصناف الإنسان، فحسن الغلمان وجمالهم هو أن تكون أبدانهم وخلقهم بهيئة يعسر بها قبولهم الآلام والانفعال؛ ولذلك كان الناس يرون فيمن كان مهيئا نحو الخمس المزاولات أنه جميل؛ لأنه مهيأ بها نحو الخفة والغلبة، وأما البطش فإنه قوة يحرك المرء بها غيره كيف شاء.
وأما فضيلة الفخامة فهو أن يفوت كثيرا من الناس ويجاوزهم في الطول والعرض والعمق، وتكون مع ضخامته حركاته غير متكلفة لجودة هذه الفضيلة.
وأما الهيئة التي تسمى بالجهادية؛ فإنها مركبة من الفخامة والجلد والخفة.
وأما الشيخوخة الصالحة؛ فإنها دوام الكبر مع البراءة من الحزن، وأما كثرة الخلة وصلاح حال الإنسان بالإخوان؛ فذلك أيضا غير خفي.
Page inconnue