Les guerres de l'État du Messager (première partie)
حروب دولة الرسول (الجزء الأول)
Genres
رأيت يا معشر قريش، البلايا تحمل المنايا، نواضح يثرب تحمل الموت الناقع، ألا ترونهم خرسا لا يتكلمون؟ يتلمظون تلمظ الأفاعي، لا يريدون أن ينقلبوا إلى أهلهم. زرق العيون كأنهم الحصا تحت الجحف، والله ما أرى أن نقتل رجلا منهم حتى يقتل رجلا منكم، فإذا أصابوا منكم أعدادهم، فما خير العيش بعد ذلك؟
1
إنه إذن الكمين، وصدق الخبر، وإنها لوقعة، وإنها لمصرعة، لقد كان محمد
صلى الله عليه وسلم
يريد عيرهم وتجارتهم، لحصار مكة اقتصاديا، وضرب إيلافها، فإذا به يريدهم هم أصحاب المال ورءوس الأشراف والسادة، بعد أن وصلوا بدرا عطشى متعبين، دون قيادة موحدة، ومن غير تجانس، فجاءوا معهم بالهاشميين إلى جانب الأمويين، ليجدوا الآبار قد غورت، مما كان مدعاة أخرى لطلب حكمة غير حكمة أبي الحكم، التي طوحت بهم إلى ذلك الشرك، بينما نداء الجمحي يشير إلى قوم يتربصون الثأر من السادة، بعد اضطهاد وهجرة، يتلمظون تحت الخوذ كالأفاعي، لا تظهر منهم غير العيون والألسنة اللاهثة، المتلهفة على الانقضاض. (1) الحكمة والتهور
ومن ثم، كان إعمال العقل والتروي، والبحث عن رأي سديد، للخروج من الفخ بأقل قدر من الخسارة، فكانت حكمة «حكيم بن حزام» الذي جاء «عتبة بن ربيعة» أحد كبار أشراف مكة وسادة الملأ المقدمين، وكان عتبة رجلا جليلا عجوزا ثقيلا، ليقول له:
يا أبا الوليد؛ إنك كبير قريش وسيدها، والمطاع فيها، هل لك إلى أن لا تزال تذكر فيها بخير إلى آخر الدهر؟ ... هل لك أن تذهب بشرف هذا اليوم ما بقيت؟ قال: وما ذاك يا حكيم؟ قال: ترجع بالناس.
2
وهكذا سجلت عبارة حكيم لقريش مرة أخرى حبها للسلم، وسعيها للأمن؛ ذلك الحب والسعي الذي فرضه عليها تكوينها النفسي، وفرضه على نفسها تكوينها الاقتصادي والاجتماعي، وحرصها على مصالحها؛ ومن ثم كان من يسعى إلى الحفاظ على تلك المكاسب، بتحقيق السلم، يظل مذكورا في شرعها بالحكمة والسداد والشرف إلى آخر الدهر. ومن هنا قام «عتبة بن ربيعة» عاملا بحكمة «حكيم بن حزام»، يخطب في أصحابه:
يا معشر قريش؛ إنكم والله ما تصنعون بأن تلقوا محمدا وأصحابه شيئا. والله لئن أصبتموهم لا يزال الرجل ينظر في وجه رجل يكره النظر إليه، قتل ابن عمه أو ابن خاله أو رجلا من عشيرته، فارجعوا، وخلوا بين محمد وبين سائر العرب، فإن أصابوه فذاك الذي أردتم، وإن كان غير ذلك ألفاكم ولم تعرضوا منه ما يريد.
Page inconnue