يجب على المرأة أن تكون على الدوام متيقظة متنبهة، وأن تراقب أخلاق نفسها مراقبة شديدة، وأن تنهض في الصباح مبكرة، وأن لا تنام إلا بعد أن ينام أولادها وزوجها، وخير لها من القيلولة أن تقوم بأعمال المنزل، وأن لا تضجر من تدبير دارها.
ولا ينبغي لها أن تكثر من شرب الخمر أو الشاي، وأن لا تملأ عينيها وأذنيها بمنظر الملاهي وأغاني العشق والغرام، وإذا قصدت المعابد والهياكل حيث يجتمع الناس من كل فج؛ فليكن ذلك نادرا حتى تبلغ الأربعين، فيجوز لها بعد بلوغ هذا السن أن تكثر من الذهاب إلى الهياكل للتعبد.
لا ينبغي للمرأة أن تطيع هوى الراهبات ليقربنها من الآلهة لأي سبب من الأسباب، ولا يجوز لها أن تقضي وقتها في الصلاة؛ فإنها لو قامت بواجباتها التي يطلبها منها زوجها وأولادها وأقاربها وتركت الصلاة جانبا؛ لكان ذلك كافيا لرضى الآلهة عنها، وإذا كان زوج المرأة فقيرا أو غنيا فلا يليق بها أن تبذر ماله، بل ينبغي لها أن تعتدل في النفقة، وأن تقتصد على قدر الإمكان، وإذا كان الزوج خفيف الحال فلا بد من عدم الخروج عن الحد في المآكل والملابس حبا في تقليد الأغنياء والمترفين.
ينبغي للمرأة في شبابها أن تبتعد عن توثيق عرى المودة بينها وبين أقارب زوجها وأصحابه وحاشيته، وأن تتبع القواعد التي تأمر بها الآداب الاجتماعية؛ كعدم الاختلاط بالرجال إلا إذا اقتضت الحال، ولا يجوز للمرأة في شبابها أن تراسل رجلا غير زوجها مهما كانت الأسباب التي تستدعي المراسلة.
وإذا اخترت أيتها الزوجة ثيابا وحليا؛ فلتكن مما لا يلفت إليك الأنظار، ويبهر من يراك؛ لأن غاية اللباس والزينة أن يكون بدنك وثوبك نظيفين، وما عدا ذلك يدعو إلى ذمك، ونفور زوجك، واحتقار الناس لشأنك.
لا تفكري في أهلك قبل أن تفكري في عشيرة زوجك؛ لأن ذلك يدل على أثرتك، فإذا حل يوم رأس السنة أو غيره من الأعياد والمواسم؛ فقومي بواجب الإكرام والمعايدة نحو أهل زوجك أولا، ثم أدي ذلك الواجب نحو أهلك ثانيا، ولا تذهبي إلا حيث يريد زوجك، ولا تقصدي مكانا إلا بإرادته ورضاه، ولا تأخذي على عهدك أشياء تخشين مسئوليته؛ فلا تقدمي لأحد هدية لا يريد زوجك تقديمها، ولا تجودي بما أنت وبيتك في حاجة إليه.
لما كانت المرأة تخلف نسلا ينتسب إلى حميها وحماتها؛ فواجب إكرامهما وحبهما أعظم - في الواقع عقلا وشرعا - من واجب إكرامها لوالديها. يجب على المرأة بعد الزواج أن تقلل من زيارة أبيها وأمها، وأن لا تشغل نفسها بزيارة الناس، بل يكفي أن تبعث إلى أصحابها وصواحبها وأترابها من يسأل عن حالهم، وإذا كانت دار أبيها أفخم من دار زوجها؛ فلا يليق بآدابها أن تجعل الافتخار بذلك شغلها الشاغل وحديثها ليل نهار؛ لأن هذا يدل على غرورها، والغرور مطية الدمار. (4) معاملة الخدم
مهما كان عدد خدم الزوجة فلا بد لها من الوقوف على كل ما يحدث في دارها، ومراقبة سائر شئونه، ويجب عليها أن تخيط ثياب حميها وحماتها، وأن تعد لهم طعامهم، وأن تكون كلها آذانا تصغي إلى مطالبهم، وأن تنجز ما يريدان إنجازه، وأن تنظر في شأن زوجها؛ فتغسل ثيابه، وتنظم فراشه، وأن تعنى كل العناية بأولادها؛ فلا تهمل أمرهم، وتسعى جهدها في أن يكونوا في غاية النظافة. وكل هذا لا يسهل عليها إلا إذا لازمت بيتها ولم تخرج منه إلا نادرا، عندما تقضي عليها الضرورة بذلك.
ويجب على الزوجة العاقلة أن تحترس في معاملة الخدم؛ فإن الخادمات يكن دائما من الطبقات النازلة ممن لم يتعلمن ولم يهذبن في صباهن، ومن صفاتهن العناد والبلادة والغلظة في الكلام، ومن طباعهن افتراء الأكاذيب، واختلاق القال والقيل على من لا يرضيهن أو يخالف رغبتهن في أمر من الأمور؛ فإذا أصغت الزوجة لترهاتهن نغصت عيشها، وسببت سخط زوجها وغضب أسرته كافة، فإذا استسلمت المرأة نفسها لتكون ألعوبة في أيدي هؤلاء الفتيات؛ فليكن قلبها من صخر لا يحس ولا يشعر، وإلا فقد عرضت نفسها للبلاء والعناء.
ولتعلم الزوجة أن من كان غريبا عنها منذ نعومة أظفارها كحميها وحماتها لا يبقي على حبها إذا قصرت في واجباتها، أو سارت على غير الدرب الذي كانت تسير عليه من الطاعة واللطف. ومن العار على المرأة العاقلة أن تسبب مثل ذلك الشقاق بينها وبين أهل زوجها استنادا على اختلاق خادمة حقيرة، وإذا رأت الزوجة أن في البيت خادمة كثيرة الكلام قليلة الحياء؛ فلا بد من صرفها بأسرع ما يمكن؛ لأن إبقاء خادمة هذه صفاتها قد يؤدي إلى انفصام عروة المودة بين الزوجة وزوجها، وبين الرجل وأهله، ولو فرضنا أن الزوجة سلمت من حبائل هؤلاء البنات؛ فإنها إذا تدفقت معهن في الحديث ورفعت الكلفة من بينها وبينهن رأت في سلوكهن وأقوالهن ما لا ترضاه.
Page inconnue