Un conte sans début ni fin

Naguib Mahfouz d. 1427 AH
71

Un conte sans début ni fin

حكاية بلا بداية ولا نهاية

Genres

فانقلبت سحنة الملعون من السخط إلى الذهول وهتف: الصائغ؟ - بلحمه ودمه! - ولكن لا لحم هناك ولا دم. - أجل! - غير معقول. - هي الحقيقة كما ترى. - أعوام انقضت ولكنها لا تكفي لتبرير هذا التغير الشامل! - أجل. - كأنك خارج من قبر. - كأني خارج من قبر. - ماذا حدث لك؟ - ذاك تاريخ طويل. - ولكن زواجك فشل؟ - أجل. - ووقع الطلاق؟ - لا أدري. - وكيف تلاشى شكلك الآدمي؟

فتردد قليلا ثم سأله: ألك أعداء؟ - ليس لي أصدقاء. - سأقص عليك قصتي، فمنذ ...

وتوقف حائرا ثم تمتم: الحق أنه لم يعد لي علم بالزمن. - أهمله كما يهملنا. - جئت يوما أسأل عنك في هذه القهوة، خطفت، جرى معي تحقيق غريب، عذبت، سجنت في الظلام زمنا لا أدريه، ثم وجدتني ملقى في الخلاء!

ضحك الملعون وقال: مررت بمحنة مماثلة في زمن ماض. - أنت أيضا؟! - أنا أيضا. - نفس الظروف والأسباب؟ - تقريبا. - ومن هم أولئك الشياطين؟ - علمي علمك! - كيف يمكن أن تقع تلك الأحداث؟! - كما يقع غيرها. - أمور تجنن. - لا تشغل بالك بما لا حل له. - لا حل له؟ - أجل، بما لا حل له وحدثني عن زواجك. - لم أجد أثرا لدكاني التي ضاعت في التنظيم. - حدثني عن زواجك. - ذهبت إلى بيتي، بيت الزوجية، فوجدته مأهولا بأغراب! - ضاع كل شيء؟ - كل شيء.

فقال الملعون باسما: ولكن زوجتنا ما زالت ترفل في حلل السعادة. - ألديك معلومات عنها؟ - هل في وسع عاشق أن ينزع عينيه من معشوقه؟! - جاء دوري لأسألك. - ما أكثر أخبارها وما أقلها، حدث واحد يتكرر إلى ما لا نهاية، زواج طلاق، زواج طلاق، زواج طلاق، زواج ... - ما أعجب ذلك ! - ما أعجب ذلك! - يا لها من امرأة! - يا لها من امرأة! - لكنها طعنت في السن؟ - جمالها في عيني غير قابل للزوال! - سيجيئ يوم فيجري عليها ما جرى علينا. - أشك في ذلك. - لكل شيء نهاية. - ليس كل شيء له نهاية. - أنت تمزح ولا شك. - لم قصدتني في ذلك اليوم المشئوم؟ - أردت أن أناقش معك أسباب الفشل. - أكنت بدأت تعانيه؟ - أجل. - هي أسباب واحدة. - حقا؟ - ما العجب في ذلك؟ - إذن فهي امرأة مريضة. - الأصح أن تقول إننا نحن المرضى! - لن يوفق معها رجل. - لعله لم يخلق بعد. - ولن يخلق أبدا. - لا تحكم على المجهول. - إنه شيء يفوق الخيال. - كما أمكن أن توجد هي فمن الممكن أن يوجد هو.

فتنهد في قنوط وقال: دلني على عنوانها. - لمه؟ - أرغب في مقابلتها. - لكنها لن تعرفك. - أذكرها بنفسي فتعرفني كما عرفتني أنت. - وما فائدة ذلك؟ - أجل، وما فائدة ذلك؟! - خير من ذلك أن تفكر في عمل تحصل به على رزقك. - كنت أبرع صائغ. - دعنا من كان وكنا. - ماذا أعمل؟ - ممكن أجد لك عملا في الروبابيكيا، ولكني من زمن أفكر في مغامرة تعود علينا بالرزق الوفير. - ما هي؟ - مشروع لم أجد الشريك الثقة له. - وهل أصلح له؟ - سأجد لك غرفة للإقامة فوق سطح عمارة في حي راق. - وبعد؟ - ومن خلال علاقاتي الكثيرة بالبيوت والناس سأشيع أنك من رجال الأمن السريين الدهاة. - رجال الأمن؟ - وينتشر الرعب في المساكن التي لا يخلو واحد منها من نقطة ضعف يخاف عليها من القانون. - وماذا نجني من وراء ذلك؟ - أمثل دور السمسار الخاص لك وأتلقى الهبات والهدايا! - يا له من مشروع خيالي! - هو أكثر من واقعي، ستنهال علينا الأموال، لن نسترد قوانا الضائعة ولكنا سنعيش في رفاهية كالأحلام. - أتمنى أن تتحقق الأحلام. - وإذا تحققت أمكن بفضل الرفاهية أن نجد الوسائل الكفيلة بالعزاء والنسيان. - نسيان المرأة وعشقها؟ - أجل، ولدينا فرص لا حصر لها لتكرار التجربة في أحياء كثيرة. - لو تحقق ذلك فهو المعجزة! - أجل .. المعجزة!

6

في بهو فاخر جلس الشريكان. بينهما مائدة حفلت بما لذ وطاب من طعام وشراب. بهو كأنه متحف. وكانت أعينهما تلتمع بالنشوة حين قال الصائغ وهو يرفع كأسه: صحة الضعف البشري. - وليدم إلى الأبد! - أصبح الآن من الممكن أن ننسى. - صدقت ولكننا لم ننس بعد تماما. - كلما رجعنا إلى الإفاقة رجعت الذكريات كالزنابير. - يا ويلنا من الإفاقة. - ولكن لدينا ما يشغلنا، لدينا الطعام والشراب والتحف النادرة وأدوات الترف والحدائق والملاهي الليلية. - لدينا حقا ما يشغلنا ولكنها تخطر على القلب في الإفاقة. - ما دامت وسائل النسيان متوفرة فلا خوف علينا. - فلنغرق فيها حتى الأعماق. - إنها تطاردنا ولكنها لن تقبض علينا. - نجونا من الجنون. - يا له من جنون! - عليها اللعنة. - صحتك. - صحتك! - عليك أن تحصل لنا على عملة صعبة من السوق السوداء لنغزو السوق الحرة. - سيتم ذلك على خير وجه .. وأظن آن لي أن أذهب. - مصحوبا بالسلامة.

ودعه حتى الباب. وجعل يذرع البهو وهو ينظر في الساعة. حتى دخل الخادم وهو يقول: جاءت السيدة.

فقال بلهفة: أدخلها.

Page inconnue