يَتَيَمَّمُ إلاّ بِتُرَابٍ طَاهِرٍ لَهُ غُبَارٌ يَعْلَقُ بِالْوَجْهِ، فإنْ خَالَطَهُ مَا لاَ يَجُوْزُ التَّيَمُّمُ بِهِ كَالنُّوْرَةِ (١) والزِّرْنِيخِ والْجُصِّ ونحوِهَا، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَاءِ إذَا خَالَطَتْهُ الطَّاهِرَاتُ.
وَمَنْ أَرَادَ التَّيَمُّمَ لَزِمَهُ أَنْ يَنوِيَ بِتَيَمُّمِهِ اسْتِبَاحَةَ صَلاةٍ مَفْرُوْضَةٍ، فإِنْ نَوَى نَفْلًا، أَوْ أَطْلَقَ النِّيَّةَ، لَمْ يجزْ أَنْ يُصَلِّيَ إلاّ نَافِلَةً، وإِنْ كَانَ جُنُبًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْويَ الْجَنَابَةَ والْحَدَثَ، ثُمَّ يُسَمِّي، وَيَضْرِبُ بِيَدَيْهِ - وهُمَا مَفْرُوْجَتَا الأَصَابِعِ - ضَرْبَةً وَاحِدةً عَلَى التُّرَابِ وَيَمْسَحُ وَجْهَهُ بِبَاطِنِ أَصَابِعِ يَدَيْهِ، وَظَاهِرِ كَفَّيْهِ بِبِاطِنِ رَاحَتَيْهِ، هَذَا هُوَ الْمَسْنُونُ عَنْ أَحْمَدَ (٢) رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ، وَقَالَ شَيْخُنَا (٣): هَذَا صِفَةُ الإجْزَاءِ (٤)، فَأَمَّا الْمَسْنُونُ فَهُوَ: أَنْ يَضْرِبَ ضَرْبَتَيْنِ (٥). يمسح بإِحْدَاهُمَا جَمِيْعَ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنَ الوَجْهِ، مِمَّا لا يشقُّ، وَيَمْسَحُ بِالأُخْرَى يَدَيْهِ إلى الْمِرْفَقَيْن (٦)، فَيَضَعُ بُطُوْنَ أَصَابِعِ يَدِهِ اليُسْرَى عَلَى ظُهُوْرِ أَصَابِعِ يَدِهِ اليُمْنَى، وَيَمُرُّها عَلَى ظَهْرِ الكَفِّ فَإِذَا بَلَغَ الكُوعَ (٧)، قَبَضَ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ عَلَى حَرْف الذراع، ثُمَّ يَمُرُّهَا إلى مِرْفَقِهِ، ثُمَّ يُدِيرُ بَطْنَ كَفِّهِ إلى بَطْنِ الذِّرَاعِ، وَيُمِرُّهُ عَلَيْهِ، ويَرْفَعُ إبْهَامَهُ، فَإِذَا بَلَغَ الكُوْعَ أَمَرَّ الإِبْهَامَ عَلَى ظَهْرِ إبْهَامِ يَدِهِ اليُمْنَى، ثُمَّ يَمْسَحُ بِيَدِهِ اليمنى يده اليُسْرَى كَذلِكَ، ثُمَّ يَمْسَحُ إِحْدَى الرَّاحَتَيْنِ بالأُخْرَى، ويُخَلِّلُ بَيْنَ أَصَابِعِهِمَا.
وَيَجِبُ تَرْتِيبُ الوَجْهِ عَلَى اليَدَيْنِ، والْمُوَالاَةُ، / ١١ و/ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ (٨).
وَلاَ يَجُوزُ التَّيَمُّم لنافِلَةٍ في وَقْتٍ نُهِيَ عَنْ فِعْلِهَا فِيهِ، ولا لِفَرِيْضَةٍ قَبْلَ وَقْتِهَا. فإِذا
_________
(١) النّورة من الحجر الذي يحرق ويسوى من الكلس. اللسان ٥/ ٢٤٤ (نور).
(٢) جاء في الشرح الكبير ١/ ٢٧٦ «المسنون عن أحمد ﵀ التيمم بضربة واحدة، قَالَ الأثرم: قُلْتُ لأبي عَبْد الله: التيمم ضربة واحدة؟ فَقَالَ: نعم للوجه والكفين». لحديث عَمَّار بن ياسر ﵁ الَّذِي سقناه عِنْدَ بداية الباب.
(٣) هُوَ أبو يعلى الفراء، وقد تقدمت ترجمته فِي مقدمة التحقيق.
(٤) يعني (المفروض).
(٥) وذهب الشَّافِعيّ ﵀ إلى أنَّ التيمم لا يُجْزِئ إلا بضربتين. الأم ١/ ٤٩.
(٦) وَهُوَ الفرض، لقوله تَعَالَى: ﴿فامسحوا بوجوهكم وأيديكم مِنْهُ﴾ المائدة: ٦.
(٧) الكوع: طرف الزند الذي يلي أصل الإبهام. اللسان ٨/ ٣١٦ (كوع).
(٨) أحال صاحب الشرح الكبير ١/ ٢٥٨ في اختلاف الرِّوَايَة في وجوب الترتيب والموالاة وعدمه إلى باب الوضوء. قَالَ: «والتيمم مبني عَلَيْهِ [الوضوء] لأنه بدل عنْهُ ومقيس عَلَيْهِ» وجاء في ١/ ١١٩: «إن الترتيب في الوضوء - كَمَا ذكر الله تَعَالَى - واجب في قَوْل أحمد، قَالَ شَيْخُنا: لَمْ أر فِيهِ اختلافًا ... وحكى أَبُو الخطاب رِوَايَة أخرى: أنه غَيْر واجبٍ» وجاء في " الروايتين والوجهين " ٥/ب
«واختلف في وجوب ترتيب الوضوء ... فنقل أبو طالبٍ وإسحاق بن إبراهيم وجوب الترتيب ... ونقل أبو دَاوُد وإبراهيم بن الحارث سقوط الترتيب».
1 / 62