الاسْتِجْمَارُ إذا لَمْ يَنْتَشِر الخارِجُ عَنِ المخْرَجِ إلاَّ بقَدَرِ مَا جَرَتْ بهِ العَادَةُ فإنِ انْتَشَرَ إِلَى صَفْحَتَيْهِ ومُعْظَمِ حَشَفَتِهِ لَمْ يُجْزِهِ غَيْرُ الماءِ، وعَلَى أيِّ صِفَةٍ حَصَلَ الإنْقَاءُ فِي الاسْتِجْمَارِ أجْزَأَهُ، غيرَ أنَّ الْمُسْتَحَبَّ فيهِ أنْ يُمِرَّ حَجَرًا مِنْ مُقَدَّمِ صَفْحَتِهِ اليُمْنَى إلى مُؤَخَّرِهَا، ثُمَّ يُدِيْرُهُ على اليُسْرَى حَتَّى يَرْجِعَ إلى الْمَوْضِعِ الذي بَدَأَ منهُ، ثُمَّ يُمِرَّ الثَّانِي مِنْ مُقَدَّمِ صَفْحَتِهِ اليُسْرَى كذلكَ، ثُمَّ يُمِرَّ الثَّالِثَ على المسربَةِ والصَّفْحَتَيْنِ، ولاَ يَسْتَجْمِرْ بيَمِيْنِهِ وَلاَ يَسْتَعِيْنُ /٤ظ/ بها في ذَلِكَ (١)، فإنْ خَالَفَ وَفَعَلَ أَجْزَأَهُ.
فأمَّا الاسْتِعَانَةُ بِهَا في الماءِ فَغَيْرُ مَكْرُوهٍ؛ لأنَّ الحاجَةَ داعِيَةٌ إليْهِ، ويُفْعَلُ الاسْتِنْجَاءُ قَبْلَ الوُضُوءِ، فإنْ أخَّرَهُ إلى بعْدِهِ لَمْ يُجْزِئهُ على إحدى الرِّوَايَتَيْنِ (٢)، والأُخْرَى يُجْزِئُهُ، فإنْ أَخَّرَهُ إلى بَعْدِ التَّيَمُّمِ، فَقِيْلَ: يُخَرَّجُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ، وقِيْلَ: لاَ يُجْزِئُهُ وَجْهًا واحِدًا.
بَابُ السِّوَاكِ وغَيْرِهِ
السِّوَاكُ مَسْنُونٌ لِكُلِّ صَلاَةٍ، فَإنْ كَانَ صَائمًا كُرِهَ لَهُ بَعْدَ الزَّوَالِ (٣)، ويُسْتَحَبُّ أنْ يَسْتَاكَ عِنْدَ قِيَامِهِ مِنَ النَّوْمِ، وإذا خَلَتْ مَعِدَتُهُ مِنَ الطَّعَامِ، وإذا أكَلَ ما يُغَيِّرُ رَائِحَةَ فَمِهِ. ويَكُونُ سِوَاكُهُ بعُودِ أَرَاكٍ أوْ زَيْتُونٍ أوْ عُرْجُونٍ (٤)، ويَكُونُ يَابِسًا قَدْ نَدِيَ بالماءِ، فإنْ كَانَ بحَيْثُ يَتَفَتَّتُ في الفَمِ أوْ يَجْرَحُهُ كُرِهَ. وإنِ اسْتَاكَ بإِصْبَعِهِ أوْ بخِرْقَةٍ لَمْ يُصِبِ السُّنَّةَ، وقِيْلَ: قَدْ أصَابَ (٥).
ويَسْتاكُ عَرْضًا (٦)، ويَكْتَحِلُ وُتْرًا، ويَدَّهِنُ غِبًّا، ويُسَرِّحُ شَعْرَهُ، ويَحُفُّ الشَّارِبَ، ويَنْتِفُ الإبْطَ، ويُقَلِّمُ الأَظَافِرَ، ويَحْلِقُ العَانَةَ (٧)، ويَنْظُرُ في المِرْآةِ، ويَتَطَيَّبُ، ويَجِبُ الخِتَانُ، ويُكْرَهُ
_________
(١) روى الحميدي (٤٢٨)، وأحمد ٤/ ٤٨٣ و٥/ ٢٩٥ و٢٩٦ و٣٠٠ و٣١١، والدارمي (٦٧٩) و(٢١٢٨)، والبخاري ١/ ٥٠ (١٥٤) و٧/ ١٤٦ (٥٦٣٠)، ومسلم ١/ ١٥٥ (٢٦٧) (٦٣)، وأبو داود (٣١)، وابن ماجه (٣١٠)، والترمذي (١٥) و(١٨٨٩)، والنسائي ١/ ٢٥و٤٣ من حديث أبي قتادة مرفوعًا: «إذا بال أحدكم فلا يمس ذكره بيمينه ولا يستنجِ بيمينه».
(٢) انظر: الروايتين والوجهين ٧ / ب - ٨ / أ.
(٣) بعد هذا في الأصل كلمة مطموسة.
(٤) العُرْجُون: هو العود الأصفر الذي فيه شماريخ العذق. النهاية ٣/ ٢٠٣.
(٥) وحجة هذا القول ما رواه البيهقي ١/ ٤٠ من حديث أنس مرفوعًا: «يجزئ من السواك الأصابع»، وضعَّفه البيهقي نفسه، فقال: «حديث ضعيف»، وله شواهد لا يفرح بها أوردها العلاّمة الألباني في إرواء الغليل (٦٩)، وبيَّن عللها.
(٦) وردت في ذلك أحاديث ضعيفة لا تقوم بها حجة، قال البيهقي ١/ ٤٠: «لا أحتج بمثلها».
(٧) وقد وردت هذه السنن في حديث خصال الفطرة عند مسلم ١/ ١٥٣ - ١٥٤ (٢٦١) (٥٦).
1 / 52