وقبل أن تكرر الزيارة لا بد من الإقدام على الخطبة، إذا ملأت عينها، وما هي الخطبة؟
خاتم برلنتي، سوليتر لا تقل حبته عن عشرة قراريط، وقرط مشلشل بالألماس، وعلبة تواليت تستحضر من باريس، وغير ذلك من التحف وليس على الكريم شرط.
وإذا تم النصيب فلحفلة الإكليل شروط، فبنت فلان ليست أحسن منها. كان في عرسها الحكام والصحفيون ومعهم المصورون، وكللها صاحب الغبطة وعلى رأسه التاج المرصع، وفي يده العكاز الذهبي، وكان شهود عقد الزواج فلان وزوجة فلان، فهي لا ترضى أقل من ذلك.
أما العرس فلا تكون حفلته إلا منقطعة النظير تذكر بحفلة زواج المأمون من بنت بوران. يجب أن تكون الهدية لكل مدعو في علبة من الفضة الخالصة، والشرط الأول ألا يذهب أحد من المدعوين بلا علبة لئلا تحكي الناس بحقنا.
بقيت ثياب العرس فهذه يجب أن تصنع في باريس، وتكون من أنفس قماش وأحدث موديل ، ويجب أن ترى هي تصميم الزي وإذا اقتضى أن تسافر إلى باريس فلا مانع.
عفوا نسينا فرش البيت. فالسجاد العجمي تحصيل حاصل، ولكن القياس، كل غرفة وسجادتها على قدها، وكذلك الدار والمائدة، أما الموبيليا فعلى العريس أن لا يبقي شيئا عتيقا في بيته بل يجب أن يكون كله (مودرن) وينظمه مهندس مختص. ثم لا يشتري إلا أغلى ما في السوق، وإن كان من طبقة عليا فعليه أن يوصي عليها في أوروبا حتى لا يكون لها نظير في البلد.
هذا ما تطلبه البنت. وإذا كانت مفتحة العينين، أو من اللواتي من الله عليهن بشيء من الرحمة والحياء، فهناك أمها. إذا رضيت البنت فأمها لا ترضى، تعلمها الدرس اللازم يوميا: خذي حذرك، لا تقبلي بإنقاص شيء مما ذكرته لك. تلقي عليها المحاضرات ليل نهار خوفا من أن تنسى شيئا. وإذا قبلت البنت بعرس مختصر مفيد، ولم تسخ نفسها عن مال يذهب هدرا في يوم عرس، فالأقارب والجيران والأصحاب والمعارف لا يرضون عن الاختصار. وهكذا يصح قول المثل: لا عرس بدون قرص. وإذا لم يسمعوا الكلمة وبخوهم قائلين: عيب عليكم! بنت فلان ما هي أحسن من بنتكم وأبوها ليس أغنى منكم، وعريسها دون عريسكم، ومع ذلك عملوا لها عرسا غنى له الحادي بالوادي.
أما شهر العسل فحسابه في رأس القائمة، وقد يليه شهر دبس.
حقا إن مشكلة الزواج من أعقد مشاكل هذا العصر، فالشاب يراه قيدا ثقيلا، فيتهرب منه ما استطاع، ويظل يماطل فيه، ويؤجل حتى يلم برأسه الشيب ذاك الضيف غير المحتشم. وإذ ذاك يفتش عن أنثى تلمه، بل فلنقل عن ممرضة.
والفتاة في تشددها وفحصها العريس بالمكروسكوب: هذا طويل وهذا قصير، وهذا أسود وهذا أبيض، وهذا غني ولكنه غير متعلم، وهذا متعلم ولكنه فقير، فإذا مرض فماذا يحل بنا؟ تحل بها قاصمة الظهر وتبقى عالة على بيت أبيها.
Page inconnue