La Vie de l'Imam Hasan

Baqir Sharif Qurashi d. 1433 AH
161

واعلن الامام (ع) بهذه المناجاة الحزينة عن تظافر الأمة على هضم وديعة النبي صلى الله عليه وآلهوسلم في الوقت الذي لم يطل فيه غيابه ، ولم ينقطع ذكره ويطلب منه أن يستقصي في السؤال من بضعته لتخبره بما جرى عليها بعده من الشؤون والشجون ، وتعرفه بما لاقته من الظلم والاذى والاضطهاد يصغي الامام الحسن عليه السلام الى هذه المناجاة الحزينة من أبيه فتلم به آلام مبرحة ، ويحف به حزن مرهق ، وتضاعف حزنه وشجاه حينما رأى أعز ما في الحياة عنده أمه الرءوم قد عاشت في هذه الدنيا وعمرها كعمر الزهور ، وفاجأها الموت وهي في شبابها الغض الاهاب ، وقد حملت على الآلة الحدباء فى غلس الليل البهيم ولم يحضر أحد من المسلمين تشييعها عدا نفر قليل ، وهي بضعة النبي صلى الله عليه وآلهوسلم وريحانته ، ووديعته في امته واعز من أحب من أبنائه وبناته ، وقد ذاق من هذه الكوارث وهو فى دوره الباكر مرارة الحياة ، وصار قلبه موطنا للهموم ، ومركزا للاحزان والشجون.

اعتزال الامام

وانصرف امير المؤمنين عليه السلام بعد أن ودع بضعة الرسول صلى الله عليه وآلهوسلم في الثرى ، وهو يبكي أمر البكاء ، وعاد الى البيت وهو كئيب حزين ، ينظر الى اطفاله وهم يندبون امهم ويبكون على فادح المصاب ، فتهيج أحزانه ، وتزداد آلامه ، ويشاهد حقه وتراثه فيرى الرجال قد تناهبوه فتلم به الكوارث والخطوب ، فآثر عليه السلام العزلة ، واحب الخلود الى السكون في داره ، وقد اعتزل عليه السلام عن الناس فصار جليس بيته ، لا يجتمع بالناس ، ولا يجتمعون به قد اعرض عن القوم ، واعرضوا عنه ، لا يراجعهم ، ولا يراجعونه ، ولا يشار كونه فى جميع الامور اللهم إلا إذا حلت في ناديهم مشكلة لا يعرفون جوابها ، ولا يهتدون لحلها ، فزعوا إليه ليكشف لهم الستار عنها ، وكان عليه السلام تارة يتولى جواب ذلك

Page 169