Hawi Li Fatawi
الحاوي للفتاوي
Maison d'édition
دار الفكر
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
1424 AH
Lieu d'édition
بيروت
الْإِمَامُ قَامَ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ، وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُمْ فِي مَوَاضِعَ عَدِيدَةٍ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُحْتَمِلًا لِذِكْرِ بُعْدِ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ لَا لِلتَّقْيِيدِ لَكِنْ يَدْفَعُهُ عَدَمُ ذِكْرِ الشِّقِّ الْآخَرِ وَهُوَ مَا لَوْ فَارَقَ قَبْلَ السَّلَامِ مَا حُكْمُهُ؟ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ حُكْمُهُ الْإِدْرَاكَ لَنَبَّهُوا عَلَيْهِ لِيُعَرِّفُوا أَنَّ قَوْلَهُمْ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَنَحْوِهِ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ، وَكَذَا قَالَ ابن الرفعة فِي مَسْأَلَةِ الْمَزْحُومِ إِذَا رَاعَى تَرْتِيبَ نَفْسِهِ عَالِمًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، ثُمَّ إِنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي رُكُوعِ الثَّانِيَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ مَعَهُ، وَتُدْرَكُ الْجُمُعَةُ بِهَذِهِ الرَّكْعَةِ، فَإِذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ أَضَافَ إِلَيْهَا أُخْرَى.
وَقَالَ فِي مَسْأَلَةِ الْمَسْبُوقِ: الْمُرَادُ بَإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ أَنْ يُحْرِمَ الْمَأْمُومُ وَيَرْكَعَ مَعَ الْإِمَامِ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ فَيَجْتَمِعَانِ فِي جُزْءٍ مِنْهُ وَيُتَابِعُ الْإِمَامَ إِلَى أَنْ يُتِمَّ، وَقَالَ الرافعي: الْمُرَادُ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ أَنْ يُدْرِكَهُ فِيهِ وَيُتَابِعَهُ فِيمَا بَعْدَهُ مِنَ الْأَرْكَانِ.
فَهَذِهِ الْعِبَارَاتُ كُلُّهَا ظَاهِرَةٌ فِي اعْتِبَارِ الِاسْتِمْرَارِ إِلَى السَّلَامِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْمُفَارَقَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الإسنوي وَجَوَّزَهَا قَبْلَ السَّلَامِ فَلَمْ يُصَرِّحْ بِهَا أَحَدٌ مِنَ الْمَشَايِخِ الثَّلَاثَةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا مَسْأَلَةَ الْمُفَارَقَةِ مُرِيدِينَ بِهَا بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى بِقَرِينَةٍ أَنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَاهَا فِي مَسْأَلَةِ الْمَسْبُوقِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ والنووي فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِخْلَافِ، وابن الرفعة فِي مَسْأَلَةِ الزَّحْمَةِ، وَكُلٌّ مِنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ خَاصٌّ بَإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى، هَذَا وَقَدْ صَرَّحَ بِالْمَسْأَلَةِ وَاشْتَرَطَ الِاسْتِمْرَارَ إِلَى السَّلَامِ الشَّيْخُ تقي الدين السبكي، والكمال الدميري فِي شَرْحَيْهِمَا عَلَى الْمِنْهَاجِ، وَعِبَارَةُ السبكي والدميري هَذَا إِذَا كَمَّلَهَا مَعَ الْإِمَامِ، أَمَّا لَوْ خَرَجَ مِنْهَا قَبْلَ السَّلَامِ فَلَا، وَيُرْشِدُ إِلَيْهِ قَوْلُهُ: فَيُصَلِّي بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ رَكْعَةً - هَذِهِ عِبَارَتُهُ.
وَقَوْلُ الشَّيْخِ جلال الدين المحلي فِي شَرْحِهِ: وَاسْتَمَرَّ مَعَهُ إِلَى أَنْ سَلَّمَ يَحْتَمِلُ التَّقْيِيدَ وَالتَّصْوِيرَ لِأَجْلِ صُورَةِ الْكِتَابِ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ، وَإِلَّا لَبَيَّنَ حُكْمَ الْقِسْمِ الْآخَرِ وَأَلْحَقَهُ بِالْأَوَّلِ كَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُ وَعَادَةُ الشُّرَّاحِ قَبْلَهُ، وَإِلَّا لَكَانَ زِيَادَةَ إِبْهَامٍ اسْتِمْرَارًا عَلَى مَا فِي الْمَتْنِ مِنَ الْإِيهَامِ، وَإِنْ نَظَرْتَ إِلَى الِاسْتِدْلَالِ وَجَدْتَهُ يُؤَيِّدُ الِاشْتِرَاطَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْجُمُعَةِ أَنْ لَا يُصَلَّى شَيْءٌ مِنْهَا إِلَّا مَعَ الْإِمَامِ، خَرَّجَ صُورَةَ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً بِالْحَدِيثِ فَوَجَبَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ بِشَرْطِ حُصُولِ مُسَمَّى الرَّكْعَةِ، وَالتَّشَهُّدُ وَالسَّلَامُ دَاخِلَانِ فِي مُسَمَّى الرَّكْعَةِ، وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ النُّصُوصَ وَالْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْجُمُعَةَ وَالصُّبْحَ وَالْعِيدَ وَنَحْوَهَا رَكْعَتَانِ، وَالظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْعِشَاءَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، وَالْمَغْرِبَ ثَلَاثٌ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ آخِرَ الرَّكَعَاتِ الْفَرَاغُ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَنَّ التَّشَهُّدَ وَالسَّلَامَ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَيْهَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ: إِمَّا إِخْرَاجُ ذَلِكَ عَنْ مُسَمَّى الصَّلَاةِ، وَهُوَ شَيْءٌ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ فِي التَّشَهُّدِ، وَإِنْ قَالَ بِهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِي السَّلَامِ، وَإِمَّا دَعْوَى أَنَّ الصَّلَاةَ رَكْعَتَانِ وَشَيْءٌ أَوْ أَرْبَعٌ وَشَيْءٌ أَوْ ثَلَاثٌ وَشَيْءٌ وَهُوَ أَمْرٌ يَنْبُو عَنْهُ السَّمْعُ وَيَأْبَاهُ حَمَلَةُ الشَّرْعِ.
الثَّانِي: أَنَّ الْحَدِيثَ
1 / 72