Hamayan Zad vers la demeure de l'au-delà
هميان الزاد إلى دار المعاد
Genres
والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين
قال نسخت بقوله تعالى
فسترضع له أخرى
قلت ليس نسخا بل تخصيص ومنه الدقاق نسخ ما لفظه أخبار نظر إلى لفظ الأخبار والأخبار لا تنسخ، ويبحث فيه بأنه فى حكم الإنشاء معنى، والمبحث فى نسخ الحكم، وأما نسخ اللفظ وحده أو مع الحكم فالظاهر عندى الجواز، ولو فيما هو خبر لفظا ومعنى، ويجوز نسخ ما قيد بالتأييد أو نحوه، نحو صوموا أبدا صوموا حتما، لأن التأييد يختلف استعماله فتارة يستعمل بمعنى الدوام الذى لا غاية له نحو الله حى أبدا، وبمعنى الدوام المنتهى بعمر الدنيا نحو هذه الجبال خالدة أبدا، وبمعنى دوام زمان مخصوص نحو لازم غريمه المؤسر أبدا، أى ما دام غريما لك بأن لم يقضك حقك، فيتبين الانتهاء والتخصيص بالنسخ، فإذا نسخ ما تأبد ظهر أن المراد به افعلوا إلى وقت كذا فبطل قول مدعى عدم جواز نسخ ما قرن بالأبدية أو نحوها، وادعاؤه أن النسخ ينافى الأبدية ونحوها، ويجوز نسخ قولك الصوم واجب مستمر أبدا إذا قيل على معنى الإنشاء، ومنع ابن الحاجب نسخه وأجاز نسخ صوموا أبدا لأن التأييد فيه قيد للفعل، وفى قولك الصوم واجب.
. إلخ قيد للوجوب والاستمرار، ويبحث فيه بأنه لا فرق لأن التقييد حقيقة فى الثانى، وإنما هو فى الفعل كالأول لا فى الوجوب، وكذا الخلاف لو أسقط لفظ واجب أو لفظ مستمر، ويجوز نسخ إيجاب الإجبار بشئ بإيجاب الإخبار بنقيضه، مثل أن يوجب الشارع الإخبار بقيام زيد تم بعدم قيامه قبل الإخبار بقيامه لجواز أن يتغير حاله من القيام إلى عدمه، فيقال أخبروا بقيام زيد، ثم يقال أخبروا بعدم قيامه قبل أن يخبروا بقيامه، وأما بعده فلا يتأتى النسخ وإن كان المخبر به مما لا يتغير كحدوث العالم، منعت المعتزلة جواز هذا النسخ فيه لأنه تكليف بالكذب، فينزه البارى عنه، وأجازته الشافعية قائلين إنه قد يدعو إلى الكذب عرض صحيح فلا يكون التكيف به نقصا، وقد ذكر العلماء أماكن يجب فيها الكذب منها إذا طلبه ظالم بالوديعة أو بمظلوم ستره فينكر ذلك، ومنع المعتزلة ذلك مبنى على قاعدتهم من التحسين والتقبيح العقليين، وإن قالوا قبح الكذب بالعقل متفق عليه، فكيف جاز التكليف به؟ قالت الشافعية لا نسلم ذلك على إطلاقه لما فيه من حسن منفعته، ولو سلمناه لنقولن قبحه باعتبار فاعله لا باعتبار التكليف به، ولا مانع عقلا من أن يبيحه الشرع لفرض المكلف من جلب مصلحة أو دفع مفسدة، ويدل على أنه لا تكليف لا نقض ولا نقص ولا قبح فى التكليف بالكذب أن الله تعالى أباح للمكره التلفظ بلفظ الكفر، وأيضا لا نسلم أن التكليف تابع للمصلحة، فإن الله جل وعلا لا يسأل عما يفعل. والله أعلم. وتقدم أن نسخ لفظ الإخبار جائز لا حكمه ولو مما يتغير لأنه يوهم الكذب، وإن قلت نسخ حكم الطلب يوهم البداء، قلت لا بل يفيد التخفيف أو زيادة النفع فلا يتبادر البداء، وأيضا الذى فى نسخ الأمر هو الإيهام المقابل للتحقق، والذى فى نسخ الخبر الإيهام المجامع للتحقق.
وإن قلت النسخ للخبر دال على أن الخبر المنسوخ لم يتناول تلك الصورة، كما أن النهى الذى ينسخ الأمر دال على أن الأمر لم يتناول ذلك الوقت فهما سواء، فالجواب ما ذكرته من أن الإيهام الذى نسخ الأمر والذى فى نسخ الخبر متخالفان، وكذا يكون جوابا للاعتراض بأن الواقع تحقق الكذب لا إيهامه، فإن المراد بالإيهام الإيقاع فى الوهم أى الذهن فيصدق بالتحقق لا مقابل التحقق، وقال البيضاوى وغيره يجوز نسخ مدلول الخبر إن كان خبرا عن مستقبل قابلا للتغير، قال الشافعية بجواز المحو لله فيما يقدره فى الأزل قال الله تعالى
يمحو الله ما يشاء ويثبت
والإخبار يتبع المحو بخلاف الخبر عن ماض، ويبحث بأنه ليس المراد كما زعموا من محو الشقاوة إلى السعادة والعكس، وتأخير من بلغ أجله ونحو ذلك، فإن الله عز وجل قال
ما يبدل القول لدى
بل المراد النسخ والإحكام ومحو الذنوب من صحيفة من يشاء وإثباتها فى صحيفة من يشاء ونحو ذلك مما يأتى إن شاء الله. وقال الفخر والآمدى يجوز نسخ مدلول الخبر أيضا، ولو كان خبرا عن ماض لجواز أن يقول الله تبارك وتعالى لبث نوح فى قومه ألف سنة ثم يقول لبث ألف سنة إلا خمسين عاما. قلت ليس هذا نسخا بل تخصيص. وتقدم جواز النسخ بالأثقل ومنعه بعض المعتزلة لأنه لا مصلحة فى العسر، ويرده ما تقدم من كثرة الثواب، ويأتى بحث، إن شاء الله، فى سورة النحل، وتقدم أن اليهود أنكروا النسخ مطلقا، لكن الشمعونية منهم قالوا غير جائز غير واقع، والعتابية منهم قالوا جائز غير واقع، وأجاز العيسوية منهم وقوعه وقالوا إنه واقع، وهم أصحاب أبى عيسى الأصبهانى المعترفون ببعثة نبينا، صلى الله عليه وسلم، إلى بنى إسماعيل خاصة وهم العرب. قلنا ليس على وجه الأرض من يجهل أنه، صلى الله عليه وسلم، قال " بعثت إلى الكافة " ومن ثبتت رسالته ولو إلى إنسان واحد بحيث ينضم فى جملة الأنبياء لا يتصف بالكذب فلا كذب فى قوله " بعثت إلى الكافة " وسماه أبو مسلم الأصبهانى من المعتزلة تخصيصا، أعنى النسخ. ووجهه أنه قصر للحكم أو التلاوة أو لهما على بعض الأزمان فهو تخصيص فى الأزمان كالتخصيص فى الأشخاص، فما ذكره الآمدى عنه من نفى النسخ وهم أو خلف لفظى إذ أثبته ولم يسمه نسخا، وجعل المغيا فى علم الله سبحانه إلى الوقت كالمغيا لفظا، فسمى الكل تخصيصا وأجازت الروافض النسخ وعللوه بجواز البداء على الله، وكفروا بتجويز البداء عليه تعالى، ونسخ حكم الأصل لا يبقى معه حكم الفرع، لانتفاء اعتبار العلة الموجبة للقياس لما انتهى اعتبارها فى الأصل المنتفى حكمه.
Page inconnue