Hallaj
الحسين بن منصور الحلاج: شهيد التصوف الإسلامي (٢٤٤–٣٠٩ﻫ)
Genres
إن هذه البطولة الخارقة، وهذا الثبات المعجز، وهذا الإيمان الأعلى، إنها مذاقات ومقامات، لا تفاض إلا على الصديقين والشهداء، من أصحاب المبادئ والرسالات.
إنها مواقف ليست من عقائد الأرض، ولا من شهواتها، إنها من إيمانيات السماء ووحيها.
وما كان لأبناء الدنيا، وأصحاب الهوى في آفاقها، أن يثبتوا ثبات الحلاج، وأن يصمدوا لما صمد له.
وما أحسب أن تاريخ البشرية، الطويل العريض، ضم بين صحفه وأحداثه إيمانا وثباتا تحت هول العذاب الصاعق، كثبات الحلاج وصبره وفدائيته وبطولته.
إن يوم المصرع هو عنوان الحلاج وتاريخه، وعنده يلتمس علماء النفس، وأساتذة الفكر شخصية الحلاج ومقامه في أروقة الخالدين، من المجاهدين المؤمنين.
إن يوم المصرع هو يوم النصر للحلاج، ويوم الهزيمة الكبرى للخلافة العباسية، بكل ما تمثله وتصوره في تلك الحقبة من التاريخ.
لقد هزم الحلاج الخلافة العباسية، في حياته واستشهاده، وفي حركة التاريخ وضميره، من بعد حياته واستشهاده.
لقد حرقت جسده وأحالته رمادا، ثم نثرت هذا الرماد في أقطار السماء، تريد له الفناء، فكتب له البقاء.
البقاء الحي أشد ما تكون الحياة، وأعصى ما تكون هذه الحياة على الزوال والفناء.
لقد أطلقت الخلافة حول سيرته سرادقا من نار ودخان، ثم أطلقت المنادين يأمرون الناس أن يحرقوا آثاره، وأن لا يبيعوا كتبه، وأن يمحوها من الوجود، وأطلقت من وراء هذا وذاك الأقلام المأجورة تملأ كتب التاريخ إفكا وزورا.
Page inconnue