هذه بعض الغزوات الإسلامية بادئ الأمر، سردناها غير مرتبة، ومنها يرى القارئ ما قصدناه من ذكرها، وهو أن الحروب الإسلامية لم تقم لحمل الناس على الإسلام، وإنما أقيمت لأسباب أخرى تجلت فيها بأجلى بيان.
غير أن ناسا ممن يحطون من قدر الإسلام ويقعون فيه يقولون إن الإسلام لم ينتشر هذا الانتشار في مثل هذا الزمن الوجيز إلا بالسيف، فهو دين توحش وهمجية، وحجتهم في ذلك غزوات النبي
صلى الله عليه وسلم
والحروب الإسلامية ، ورأى ناس من المسلمين آيات في القرآن تحض المسلمين على قتال المشركين والكفار والمنافقين، وأمثال هذا كقوله تعالى:
يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير ،
وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين ،
قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ،
فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون ،
وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله ،
واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم ، ولم يفكروا في سياق الكلام ومواضعه وأسباب نزوله؛ فظنوا أن القتال شرع في الإسلام لحمل الناس على الاعتقاد به، فكان ذلك الظن أكبر جرم على ذلك الدين الحنيف، الذي تنزه عن مثل هذه الخشونة وتلك القسوة، وذلك أن الأمور الاعتقادية لا تقبلها الناس إلا بالبرهان، لا بالقوة والسلطان، فمن قبلها منهم مكرها مرغما لا يطمئن لها قلبه، وإذا لا فائدة من قبوله إياها، فإنما الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى. دع أن النبي
Page inconnue