الخلق الحسن في ضوء الكتاب والسنة
الخلق الحسن في ضوء الكتاب والسنة
Maison d'édition
مطبعة سفير
Lieu d'édition
الرياض
Genres
بالبيت فَهُدِمَ، فأَدْخَلْتُ فيه ما أُخْرِجَ منه، وألزقته بالأرض، وجعلت له بابين: بابًا شرقيًا، وبابًا غربيًا، فبلغت به أساس إبراهيم» (١).
وفي رواية: «إن قومك قصرت بهم النفقة»، قلت: فما شأن بابه مرتفعًا؟ قال: «فعل ذلك قومك لِيُدخِلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا، ولولا أن قومك حديثٌ عهدهم بالجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أُدْخِلَ الجَدْرَ في البيت، وأن أُلصِقَ بابه بالأرض» (٢).
وهذا يدل الداعية على أن المصالح إذا تعارضت، أو تعارضت مصلحة ومفسدة، وتعذَّر الجمع بين فعل المصلحة وترك المفسدة بُدِئَ بالأهم؛ لأن النبي ﷺ أخبر أن نقض الكعبة وردَّها إلى ما كانت عليه من قواعد إبراهيم ﷺ مصلحة، ولكن تعارضه مفسدة أعظم منه، وهو خوف فتنة بعض من أسلم قريبًا، وذلك لما كانوا يعتقدونه من فضل الكعبة، فيرون تغييرها عظيمًا، فتركها ﷺ لدفع هذه المفسدة (٣).
الطريق الثالث: تأليف القلوب بالمال أحيانًا، فالداعية كالطبيب الذي يشخِّص المرض أولًا، ثم يعطي العلاج على حسب نوع المرض، فإذا علم الداعية أن المدعو لم يرسخ الإيمان في قلبه رسوخًا لا تزلزله الفتن، فله أن يعطيه من المال ما يستطيعه، للاحتفاظ بالبقاء على الهداية بالإسلام، وقد شرع اللَّه للمؤلفة قلوبهم نصيبًا من
_________
(١) البخاري، كتاب الحج، باب فضل مكة وبنيانها، برقم ١٥٨٤، ومسلم، في الحج، باب نقض الكعبة وبنائها، برقم ١٣٣٣.
(٢) البخاري، كتاب الحج، باب فضل مكة وبنيانها، برقم ١٥٨٤، ومسلم، كتاب الحج، باب نقض الكعبة، برقم ١٣٣٢.
(٣) انظر: شرح النووي على مسلم، ٩/ ٨٩.
1 / 92