يجمع له جمعا ويوفق بينهم حتى يلعنوه. فلما وصله الكتاب وقف عليه أبا جعفر في خلوة. فقال أبو جعفر: ألا لعنة الله على الظالمين! فضحك السيد وقال: عجلت بالمكافأة يا أبا جعفر، وبدأتنا بما استحيينا أن نبدأك به، وبالله لقد يشق على مقابلتك بما أنفذ به الأمر، لكن ليس من ذلك بد، وقد رأيت أن يكون على خلوة. فجمع خواصه ولعنوه بمكانه. فجعل يقول: (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) . وتلطف السيد في أمره والجواب عن مسألته.
ثم إنه بلغ ذاك الغاية القصوى بالخضرة حتى قدم على طلبة الحضر، فصار من أخص الجلساء وأرفعهم منزلة عند المنصور، ثم عند الناصر.
وفيما كتبه والي من أخباره: أنه كان في أول أمره مشتغلا بالعلم ببلنسية، إلى أن شهر بها مكانه، وجل قدره في الإقراء والإفادة. فاستدعاه المنصور إلى الحضرة فقال:
كنت في ركن من الأر ... ض على مقدار فهم
مفردًا فيه مخلى ... فارغًا من كل خصم
فدعوا بي ثم قالوا ... علم في كل علم
عرضوني للبلايا ... أتلقى كل سهم
1 / 40