وكانت هناك غرفة صابر ووداد، وجعلت وداد غرفة مخصصة للجلوس فيها وقضاء اليوم، وخصصت الرابعة للطعام.
أما الطابق الأول، فقد كان جميعه لاستقبال الضيوف.
كانت الأسرة جالسة في غرفة المعيشة، وقد أشعلوا موقدا وراحوا يسمرون بما يعن لهم، وقد سرى الدفء في أوصالهم.
وفجأة انقض عليهم صوت عالي الضجيج غلب على صوت الرياح، فملأهم الذعر وارتمى الطفلان في حضن أمهما، وأدرك صابر أن بناء قد تهدم، فسارع إلى عباءته فأحكم لفها حول جسمه واندفع كالسهم خارجا، ودون أن تدري ما هي فاعلة، تخلصت وداد من الطفلين وحذرتهما من الخروج، واندفعت إلى الخارج وراء زوجها، وانكمش الطفلان متلاصقين في كرسي واحد.
ونزل صابر فوجد رهطا من رجال العزبة قد سبقه إلى حظيرة المواشي التي تحطمت أعراقها الخشبية من شدة الرياح، وانهار سقفها فأصاب بقرة من ثمان بقرات وجاموسة من ست جواميس، وراح الرجال يخرجون البهائم من الحظيرة، وراح بعضهم يقول لصابر: الحمد لله قدر ولطف.
وراح هو يردد دون وعي: الحمد لله، الحمد لله. ادفنوا البقرة والجاموسة، وضعوا البهائم الأخرى في حظائركم حتى الصباح.
والتفت بوحي مفاجئ من ضميره إلى حيث كانت وداد، فرآها في ملابس البيت واقفة على مبعدة من الرجال فسارع إليها. - لماذا جئت يا وداد؟ - خفت عليك. - ارجعي، أسرعي إلى البيت. لقد كنا في حجرة دافئة وخرجت إلى هذا البرد القارس بلا معطف عليك؟! ارجعي أنت، الحمد لله لم يحدث شيء، حاجة بسيطة.
ورجعت وداد.
وقال الرجال لصابر: لقد كنت تتوقع هذا؟ - نعم، ولهذا بدأت أبني الحظيرة الجديدة، ولكنني كنت أتمنى أن تنتظر هذه حتى أتم بناء الحظيرة الأخرى.
وقال أحد الرجال: له في ذلك حكم. - سبحانه! كله بأمره. •••
Page inconnue