38

Nourriture des Esprits dans l'Explication du Poème des Manières

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Maison d'édition

مؤسسة قرطبة

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

1414 AH

Lieu d'édition

مصر

Genres

Soufisme
وَذَكَرَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ النَّوَوِيَّةِ عَنْ أَبِي دَاوُد صَاحِبِ السُّنَنِ أَنَّ حَدِيثَ النَّصِيحَةِ أَحَدُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي يَدُورُ عَلَيْهَا الْفِقْهُ. وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ: هَذَا حَدِيثٌ لَهُ شَأْنٌ. ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ أَسْلَمَ الطُّوسِيُّ أَنَّهُ أَحَدُ أَرْبَاعِ الدِّينِ. وَخَرَّجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ ﵁ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ «مَنْ لَا يَهْتَمُّ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ، وَمَنْ لَمْ يُمْسِ وَيُصْبِحْ نَاصِحًا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِإِمَامِهِ وَلِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ» . وَخَرَّجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ﵁ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ «قَالَ اللَّهُ ﷿: أَحَبُّ مَا تَعَبَّدَنِي بِهِ عَبْدِي إلَيَّ النُّصْحُ لِي» . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵁ قَالَ «بَايَعْت النَّبِيَّ ﷺ عَلَى إقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» . وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ «حَقُّ الْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ سِتٌّ، فَذَكَرَ مِنْهَا: وَإِذَا اسْتَنْصَحَك فَانْصَحْ لَهُ» . قَالَ الْخَطَّابِيُّ: النَّصِيحَةُ كَلِمَةٌ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ جُمْلَةٍ هِيَ إرَادَةُ الْخَيْرِ لِلْمَنْصُوحِ لَهُ قَالَ: وَأَصْلُ النُّصْحِ فِي اللُّغَةِ الْخُلُوصُ، يُقَالُ نَصَحْت الْعَسَلَ إذَا خَلَّصْته مِنْ الشَّمْعِ. فَمَعْنَى النَّصِيحَةِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ صِحَّةُ الِاعْتِقَادِ فِي وَحْدَانِيِّتِهِ وَإِخْلَاصُ النِّيَّةِ فِي عِبَادَتِهِ. وَالنَّصِيحَةُ لِكِتَابِهِ الْإِيمَانُ بِهِ وَالْعَمَلُ بِمَا فِيهِ. وَالنَّصِيحَةُ لِرَسُولِهِ التَّصْدِيقُ بِنُبُوَّتِهِ وَبَذْلُ الطَّاعَةِ لَهُ فِيمَا أَمَرَ بِهِ وَنَهَى عَنْهُ. وَالنَّصِيحَةُ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ إرْشَادُهُ لَهُمْ إلَى مَصَالِحِهِمْ. انْتَهَى. فَالنَّاظِمُ بَذَلَ النُّصْحَ لِمَنْ يَقْبَلُهُ خُرُوجًا مِنْ عُهْدَةِ الْكِتْمَانِ. مَطْلَبٌ: النَّصِيحَةُ لِلَّهِ فَرْضٌ وَنَافِلَةٌ قَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ: وَقَدْ حَكَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرُّوذِيُّ فِي كِتَابِ تَعْظِيمِ قَدْرِ الصَّلَاةِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ فَسَّرَ حَدِيثَ «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ النَّصِيحَةَ عِنَايَةُ الْقَلْبِ لِلْمَنْصُوحِ لَهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ، وَهِيَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا فَرْضٌ وَهِيَ لِلَّهِ شِدَّةُ الْعِنَايَةِ مِنْ

1 / 45