Nourriture des Esprits dans l'Explication du Poème des Manières
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
Maison d'édition
مؤسسة قرطبة
Édition
الثانية
Année de publication
1414 AH
Lieu d'édition
مصر
Genres
Soufisme
تَعَرَّضُوا إلَيْهِ مِنْ أَذَى الْمُسْلِمِينَ وَهَجْوِهِمْ، وَقَالَ فِي حَقِّ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ ﵁: «إنَّ حَسَّانَ مُؤَيَّدٌ فِي شِعْرِهِ بِرُوحِ الْقُدْسِ»، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الصِّدِّيقَ وَالْفَارُوقَ ﵄ كَانَا يَنْظِمَانِ الشِّعْرَ.
وَكَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ ﵁ أَشْعَرَ الْجَمَاعَةِ، وَرُوِيَ لَهُ شِعْرٌ كَثِيرٌ، وَكَذَلِكَ رَوَى الْجَمَاعَةُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ﵃ أَجْمَعِينَ -. وَقَالَ ﷺ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ ﵁: «إنَّ رُوحَ الْقُدْسِ مَعَك مَا دُمْت تُنَافِحُ عَنْ نَبِيِّهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدْسِ» وَقَدْ جَرَى عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ ﷺ عِدَّةُ أَبْيَاتٍ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ مِنْهُ ﷺ لِنَظْمِ شَيْءٍ مِنْ الشِّعْرِ لِمَنْعِهِ مِنْهُ، كَقَوْلِهِ ﷺ: «أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ» وَكَقَوْلِهِ: «مَا أَنْت إلَّا أُصْبُعٌ دَمِيَتْ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيت» وَكَقَوْلِهِ: «اللَّهُمَّ لَا عَيْشَ إلَّا عَيْشُ الْآخِرَهْ فَارْحَمْ الْأَنْصَارَ وَالْمُهَاجِرَهْ» وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يُنْكِرُ فَضْلَ الشِّعْرِ إلَّا جَامِدُ الْقَرِيحَةِ بِلَا مُحَالٍ، وَاَللَّهُ وَلِيُّ الْأَفْضَالِ.
[تَنْبِيه: أَوَّلَ مَنْ نَطَقَ بِالشِّعْرِ]
(تَنْبِيهٌ)
قِيلَ وَإِنَّ أَوَّلَ مَنْ نَطَقَ بِالشِّعْرِ آدَم ﵇ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرِ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ عَلِيٍّ ﵁، قَالَ لَمَّا قَتَلَ قَابِيلُ أَخَاهُ هَابِيلَ بَكَى آدَم ﵇ وَجَزِعَ وَأَسِفَ عَلَى فَقْدِهِ، وَرَثَاهُ بِشِعْرٍ يُعْزَى إلَيْهِ، وَهُوَ هَذَا الشِّعْرُ فَقَالَ:
تَغَيَّرَتْ الْبِلَادُ وَمَنْ عَلَيْهَا ... وَوَجْهُ الْأَرْضِ مُغْبَرٌ قَبِيحُ
تَغَيَّرَ كُلُّ ذِي طَعْمٍ وَلَوْنٍ ... وَقَلَّ بَشَاشَةُ الْوَجْهِ الصُّبَيْحِ
وَبُدِّلَ أَهْلُهَا أَثْلًا وَخَمْطًا ... بِجَنَّاتٍ مِنْ الْفِرْدَوْسِ فِيحِ
وَجَاوَرَنَا عَدُوًّا لَيْسَ يُنْسَى ... لَعَيْنٌ مَا يَمُوتُ فَنَسْتَرِيحُ
قَتَلَ قَابِيلُ هَابِيلَ أَخَاهُ ... فَوَا أَسَفًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَلِيحِ
فَمَا لِي لَا أَجُودُ بِسَكْبِ دَمْعِي ... وَهَابِيلُ تَضَمَّنَهُ الضَّرِيحُ
أَرَى طُولَ الْحَيَاةِ عَلَيَّ غَمًّا ... وَمَا أَنَا فِي حَيَاتِي مُسْتَرِيحُ
1 / 198