Nourriture des Esprits dans l'Explication du Poème des Manières
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
Maison d'édition
مؤسسة قرطبة
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
1414 AH
Lieu d'édition
مصر
Genres
Soufisme
فَمِنْ أَيْنَ هَذَا الْإِخَاءُ وَالنَّسَبُ، لَوْلَا الْعَلَقُ مِنْ الشَّيْطَانِ بِأَقْوَى سَبَبٍ؟ وَمِنْ أَيْنَ هَذِهِ الْمُصَالَحَةُ الَّتِي أَوْقَعَتْ فِي عَقْدِ الْإِيمَانِ وَعَهْدِ الرَّحْمَنِ خَلَلًا ﴿أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا﴾ [الكهف: ٥٠] وَلَقَدْ أَحْسَنَ الْقَائِلُ فِي قَوْلِهِ:
تُلِيَ الْكِتَابُ فَأَطْرَقُوا لَا خِيفَةً ... لَكِنَّهُ إطْرَاقُ سَاهٍ لَاهِي
وَأَتَى الْغِنَاءُ فَكَالْحَمِيرِ تَنَاهَقُوا ... وَاَللَّهِ مَا رَقَصُوا لِأَجْلِ اللَّهِ
دُفٌّ وَمِزْمَارٌ وَنَغْمَةُ شَادِنٍ ... فَمَتَى رَأَيْت عِبَادَةً بِمَلَاهِي
ثَقُلَ الْكِتَابُ عَلَيْهِمُو لَمَّا رَأَوْا ... تَقْيِيدَهُ بِأَوَامِر وَنَوَاهِي
سَمِعُوا لَهُ رَعْدًا وَبَرْقًا إذْ حَوَى ... زَجْرًا وَتَخْوِيفًا بِفِعْلِ مُبَاهِي
وَرَأَوْهُ أَعْظَمَ قَاطِعٍ لِلنَّفْسِ عَنْ ... شَهَوَاتِهَا يَا وَيْحَهَا الْمُتَنَاهِي
وَأَتَى السَّمَاعُ مُوَافِقًا أَغْرَاضَهَا ... فَلِأَجْلِ ذَاكَ غَدَا عَظِيمَ الْجَاهِ
أَيْنَ الْمُسَاعِدُ لِلْهَوَى مِنْ قَاطِعٍ ... أَسْبَابَهُ عِنْدَ الْجَهُولِ السَّاهِي
إنْ لَمْ يَكُنْ خَمْرَ الْجُسُومِ فَإِنَّهُ ... خَمْرُ الْعُقُولِ مُمَاثِلٌ وَمُضَاهِي
فَانْظُرْ إلَى النَّشْوَانِ عِنْدَ شَرَابِهِ ... وَانْظُرْ إلَى النِّسْوَانِ عِنْدَ مَلَاهِي
وَانْظُرْ إلَى تَمْزِيقِ ذَا أَثْوَابَهُ ... مِنْ بَعْدِ تَمْزِيقِ الْفُؤَادِ اللَّاهِي
وَاحْكُمْ بِأَيِّ الْخَمْرَتَيْنِ أَحَقُّ ... بِالتَّحْرِيمِ وَالتَّأْثِيمِ عِنْدَ اللَّهِ
وَقَالَ آخَرُ:
بَرِئْنَا إلَى اللَّهِ مِنْ مَعْشَرٍ ... بِهِمْ مَرَضٌ مِنْ سَمَاعِ الْغِنَا
فَكَمْ قُلْت يَا قَوْمُ أَنْتُمْ عَلَى ... شَفَا جُرُفٍ مَا بِهِ مِنْ بِنَا
شَفَا جُرُفٍ تَحْتَهُ هُوَّةٌ ... إلَى دَرَكٍ كَمْ بِهِ مِنْ عَنَا
وَتَكْرَارُ ذَا النُّصْحِ مِنَّا لَهُمْ ... لِنُعْذَرَ فِيهِمْ إلَى رَبِّنَا
فَلَمَّا اسْتَهَانُوا بِتَنْبِيهِنَا ... رَجَعْنَا إلَى اللَّهِ فِي أَمْرِنَا
فَعِشْنَا عَلَى سُنَّةِ الْمُصْطَفَى ... وَمَاتُوا عَلَى تِنّ تَنَا تِنْ تِنَا
وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ الطُّرْطُوشِيُّ فِي كِتَابِهِ تَحْرِيمِ السَّمَاعِ: قَدْ بَلَغَنَا عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ إخْوَانِنَا الْمُسْلِمِينَ وَفَّقَنَا اللَّهُ وَإِيَّاهُمْ، اسْتَزَلَّهُمْ الشَّيْطَانُ وَاسْتَغْوَى عُقُولَهُمْ فِي حُبِّ الْأَغَانِي وَاللَّهْوِ وَسَمَاعِ الطَّقْطَقَةِ وَالتَّغْبِيرِ، فَاعْتَقَدَتْهُ مِنْ الدِّينِ
1 / 161