148

Nourriture des Esprits dans l'Explication du Poème des Manières

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Maison d'édition

مؤسسة قرطبة

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

1414 AH

Lieu d'édition

مصر

Genres

Soufisme
وَرَحَلَ إلَى أَقَاصِي الْبِلَادِ فِي جَمْعِهَا وَسَمَاعِهَا مِمَّنْ سَمِعَهَا مِنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَمِمَّنْ سَمِعَهَا مِمَّنْ سَمِعَهَا مِنْهُ، شَهِدَ لَهُ شُيُوخُ الْمَذْهَبِ بِالْفَضْلِ وَالتَّقَدُّمِ، حَدَّثَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُظَفَّرِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الصَّيْرَفِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيرٌ، وَكَانَتْ لَهُ حَلْقَةٌ بِجَامِعِ الْمَهْدِيِّ. تُوُفِّيَ ﵁ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ إحْدَى عَشَرَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَدُفِنَ إلَى جَنْبِ قَبْرِ الْمَرُّوذِيِّ عِنْدَ رِجْلَيْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ﵃. (وَمُقْتَدِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى إمَامٍ أَيْ تَابِعٍ وَمُقَلِّدٍ وَحَذَا حَذْوَ مَتْبُوعِهِ، وَهُوَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَزْدَادَ بْنِ مَعْرُوفٍ الْمَعْرُوفُ بِغُلَامِ الْخَلَّالِ، حَدَّثَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُوسَى بْنِ هَارُونَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْوَصِيفِيِّ، وَأَبِي خَلِيفَةَ الْفَضْلِ بْنِ الْحُبَابِ الْبَصْرِيِّ، وَالْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخِرَقِيِّ، وَأَبِي قَاسِمٍ الْبَغَوِيِّ، وَآخَرِينَ، وَأَخَذَ عَنْهُ عَالَمٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ، مِنْهُمْ ابْنُ شَاقِلَا، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَطَّةَ، وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ التَّمِيمِيِّ، وَأَبُو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ، وَالْعُكْبَرِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ. كَانَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ أَحَدَ أَهْلِ الْفَهْمِ مَوْثُوقًا بِهِ فِي الْعِلْمِ، مُتَّسِعَ الرِّوَايَةِ، مَتِينَ الدِّرَايَةِ، مَشْهُورًا بِالدِّيَانَةِ، مَوْصُوفًا بِالْأَمَانَةِ، مَذْكُورًا بِالْعِبَادَةِ وَالْعِفَّةِ وَالصِّيَانَةِ، لَهُ الْمُصَنَّفَاتُ فِي الْعُلُومِ الْمُخْتَلِفَاتِ، كَالشَّافِي، وَالْمُقْنِعِ، وَتَفْسِيرِ الْقُرْآنِ، وَالْخِلَافِ مَعَ الشَّافِعِيِّ، وَكِتَابِ الْقَوْلَيْنِ، وَزَادِ الْمُسَافِرِ وَالتَّنْبِيهِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى، وَوَصَفَهُ بِالدِّينِ وَالْوَرَعِ وَالْعِلْمِ وَالْبَرَاعَةِ، وَكَانَ لَهُ قَدَمٌ رَاسِخٌ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ وَمَعْرِفَةِ مَعَانِيهِ. رُوِيَ أَنَّ رَافِضِيًّا سَأَلَهُ عَنْ قَوْله تَعَالَى ﴿وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ﴾ [الزمر: ٣٣] مَنْ هُوَ؟ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ وَقَالَ بَلْ هُوَ عَلِيٌّ، فَهَمَّ بِهِ الْأَصْحَابُ، فَقَالَ دَعُوهُ، ثُمَّ قَالَ اقْرَأْ مَا بَعْدَهَا ﴿لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ﴾ [الزمر: ٣٤] ﴿لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا﴾ [الزمر: ٣٥] وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمُصَدِّقُ مِمَّنْ لَهُ سَيِّئَاتٌ سَبَقَتْ، وَعَلَى قَوْلِك أَيُّهَا السَّائِلُ لَمْ يَكُنْ لِعَلِيٍّ سَيِّئَاتٌ، فَقَطَعَهُ. وَهَذَا اسْتِنْبَاطٌ حَسَنٌ إنَّمَا يَعْقِلُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ وَاللِّسَانِ. فَدَلَّ عَلَى عِلْمِهِ وَحِلْمِهِ وَحُسْنِ خُلُقِهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُقَابِلْ السَّائِلَ عَلَى جَفَائِهِ وَعَدَلَ إلَى الْعِلْمِ، وَهَذَا دَأْبُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفَهْمِ. تُوُفِّيَ ﵁ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِعَشْرٍ بَقِينَ مِنْ

1 / 155