Nourriture des Esprits dans l'Explication du Poème des Manières
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
Maison d'édition
مؤسسة قرطبة
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
1414 AH
Lieu d'édition
مصر
Genres
Soufisme
وَيُكْرِهُهُ إلَى اسْتِمَاعِهِ بِالْخَاصَّةِ، وَهَذَا عَيْنُ النِّفَاقِ بِالِاتِّفَاقِ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الْغِنَاءَ قُرْآنُ الشَّيْطَانِ فَلَا يَجْتَمِعُ مَعَ قُرْآنِ الرَّحْمَنِ فِي قَلْبٍ وَاحِدٍ أَبَدًا، وَلِهَذَا كَانَ الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ.
وَأَيْضًا أَسَاسُ النِّفَاقِ أَنْ يُخَالِفَ الظَّاهِرُ الْبَاطِنَ، وَهَذَا الْمُسْتَمِعُ الْغِنَاءَ لَا يَخْلُو أَنْ يَنْتَهِك الْمَحَارِمَ فَيَكُونُ فَاجِرًا أَوْ يُظْهِرُ النُّسُكَ وَالْعِبَادَةَ فَيَكُونُ مُنَافِقًا فَإِنَّهُ مَتَى أَظْهَرَ الرَّغْبَةَ فِي اللَّهِ وَالدَّارِ الْآخِرَةِ وَقَلْبُهُ يَغْلِي بِالشَّهَوَاتِ وَيَلْذَعُ بِنَغَمَاتِ الْآلَاتِ وَمَحَبَّةِ مَا يَكْرَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ أَصْوَاتِ الْمَعَازِفِ وَمَا يَدْعُو إلَيْهِ الْغِنَاءُ وَبَهِيجُهُ مِنْ قَلْبِهِ كَانَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ نِفَاقًا، فَإِنَّ هَذَا مَحْضُ النِّفَاقِ.
وَقَدْ كَتَبَ الْإِمَامُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ﵁ لِمُؤَدِّبِ وَلَدِهِ: لِيَكُنْ أَوَّلُ مَا يَعْتَقِدُونَ مِنْ أَدَبِك بُغْضَ الْمَلَاهِي الَّتِي بَدْوُهَا مِنْ الشَّيْطَانِ وَعَاقِبَتُهَا سَخَطُ الرَّحْمَنِ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْ الثِّقَاتِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ صَوْتَ الْمَعَازِفِ وَاسْتِمَاعَ الْأَغَانِي وَاللَّهَجَ بِهَا يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يَنْبُتُ الْعُشْبُ عَلَى الْمَاءِ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ.
قَالَ فِي الْإِنْصَافِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا: قَالَ جَمَاعَةٌ: يَحْرُمُ الْغِنَاءُ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ النَّاظِمُ. قَالَ الْإِمَام أَحْمَدُ: لَا يُعْجِبُنِي وَقَالَ فِي الْوَصِيِّ يَبِيعُ أَمَةَ الصَّبِيِّ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مُغَنِّيَةٍ وَعَلَى أَنَّهَا لَا تَقْرَأُ بِالْأَلْحَانِ.
(وَعَنْ) الْإِمَامَيْنِ الْكَبِيرَيْنِ (أَبَوَيْ بَكْرٍ إمَامٍ) بَدَلٌ مِنْ أَبَوَيْ بَكْرٍ وَأَرَادَ بِهِ الْإِمَامَ الْأَوْحَدَ وَالْهُمَامَ الْأَمْجَدَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ هَارُونَ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَضِيَ عَنْهُ، لَهُ التَّصَانِيفُ الدَّائِرَةُ، وَالْكُتُبُ السَّائِرَةُ، وَالنَّظَرُ النَّاقِدُ، وَالْخَاطِرُ الْوَاقِدُ، فَمِنْ تَصَانِيفِهِ الْجَامِعُ الَّذِي دَارَ بِلَادَ الْإِسْلَامِ حَتَّى جَمَعَهُ، وَالْعِلَلِ، وَالسُّنَّةِ، وَالْعِلْمِ، وَالطَّبَقَاتِ، وَتَفْسِيرِ الْغَرِيبِ، وَالْأَدَبِ، وَأَخْلَاقِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ﵁ وَغَيْرِ ذَلِكَ. سَمِعَ الْحَسَنَ بْنَ عَرَفَةَ وَسَعْدَانَ بْنَ نَصْرٍ وَمُحَمَّدَ بْنَ عَوْفٍ الْحِمْصِيَّ وَطَبَقَتَهُمْ، وَصَحِبَ أَبَا بَكْرٍ الْمَرُّوذِيَّ إلَى أَنْ مَاتَ، وَسَمِعَ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ﵁ وَعَنْهُمْ -، مِنْهُمْ غَيْرُ الْمَرُّوذِيِّ صَالِحٌ وَعَبْدُ اللَّهِ ابْنَا الْإِمَامِ ﵄، وَإِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ، وَالْمَيْمُونِيُّ، وَبَدْرٌ الْمَغَازِلِيُّ، وَأَبُو يَحْيَى النَّاقِدُ، وَحَنْبَلٌ، وَحَرْبٌ الْكَرْمَانِيُّ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ، سَمِعَ مِنْهُمْ مَسَائِلَ الْأَمَامِ أَحْمَدَ
1 / 154