وما عدا هذا من الذنوب التي دونه في الرتبة والمفسدة لا نكفر بها، ولا نحكم على أحد من أهل القبلة -الذين باينوا عباد الأوثان والأصنام والقبور- بكفر بمجرد ذنب ارتكبوه، وعظيم جرم اجترحوه، وغلاة الجهمية والقدرية والرافضة ونحوهم ممن كفرهم السلف لا نخرج فيهم عن أقوال أئمة الهدى والفتوى من سلف هذه الأمة، ونبرأ إلى الله مما أتت به الخوارج وقالته في أهل الذنوب من المسلمين.
قال ﵀: ومجرد الإتيان بلفظ الشهادة من غير علم بمعناها ولا عمل بمقتضاها لا يكون به المكلف مسلمًا، بل هو حجة على ابن آدم، خلافًا لمن زعم أن الإيمان مجرد الإقرار كالكرّامية١، ومجرد التصديق كالجهمية٢، وقد أكذب الله المنافقين فيما أتوا به وزعموه من الشهادة، وسجل على كذبهم مع أنهم أتوا بألفاظ مؤكدة بأنواع من التأكيدات، قال تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ ٣. فأكدوا بلفظ الشهادة وأن المؤكدة واللام والجملة الاسمية، فأكذبهم وأكد تكذيبهم بمثل ما