﴿إِلا دُعَاءً وَنِدَاءً﴾ حَسْبُ؛ ولا يفهم قولا (١) .
١٧٣- ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ﴾ أي غير باغ على المسلمين، مُفَارِقٍ لجماعتهم، ولا عَادٍ عليهم بسيفه (٢) .
ويقال: غير عاد في الأكل حتى يشبع ويتزوّد (٣) .
﴿وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ﴾ أي: ما ذُبح لغير الله. وإنما قيل ذلك: لأنه يذكر عند ذبحه غير اسم الله فيظهر ذلك، أو يرفع الصوت به. وإهلال الحج منه، إنما هو إيجابُه بالتَّلْبِيَةِ. واستهلالُ الصبيُّ منه إذا وُلِدَ، أي: صوتُه بالبكاء.
* * *
١٧٥- ﴿فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ﴾ ما أجرأهم. وحكى الفراء (٤) عن
_________
(١) وهذا هو أولى التأويل بالآية عند أبي جعفر الطبري ٣/٣١٣ وقد ذكر أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط ١/٤٨١-٤٨٤ تسعة أقوال في تفسير هذه الآية. وقد ذكر الشريف المرتضى في أماليه ١/٢١٥ - ٢١٩ خمسة أقوال.
(٢) قال أبو عبيدة في مجاز القرآن ٦٤: "أي لا يبغي فيأكله غير مضطر إليه ولا عاد شبعه".
(٣) ذكرهما الطبري وردهما ثم قال ٣/٣٢٥ "وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية - قول من قال: فمن اضطر غير باغ بأكله ما حرم عليه من أكله، ولا عاد في أكله، وله عن ترك أكله - بوجود غيره مما أحله الله له - مندوحة وغنى". ولست أرى رأي الطبري في ترجيح هذا التأويل؛ الذي لا يتسق مع معنى الآية. ولست أدري كيف يكون مضطرا لأكل ما حرم الله عليه وهو يجد غيره مما أحله الله له؟! والرأي عندي أن يقال: فمن اضطر غير ظالم لنفسه في تقدير هذه الضرورة التي تبيح له أكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما ذبح لغير الله ولا متجاوز في أكله القدر الذي يحفظ عليه حياته.
(٤) في معاني القرآن ١/١٠٣: أي ما أصبرك على عذاب الله، وانظر الكشاف ١/١٠٨.
1 / 69