L'Étrange du Coran
غريب القرآن لابن قتيبة
Chercheur
أحمد صقر
Maison d'édition
دار الكتب العلمية (لعلها مصورة عن الطبعة المصرية)
ثم قيل ذلك لكل من عَقَلَ وحَزَمَ، وتكاملت فيه خِلالُ الخير.
* * *
٧- ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ﴾ بمنزلة طَبَعَ الله عليها. والخَاتَمُ بمنزلة الطابَع. وإنما أراد: أنه أقفل عليها وأغلقها، فليست تعي خيرا ولا تسمعه. وأصل هذا: أن كل شيء ختمتَه، فقد سددتَه وربطتَه.
ثم قال ﷿: ﴿وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ﴾ ابتداء. وتمامُ الكلام الأول عند قوله: ﴿وَعَلَى سَمْعِهِمْ﴾ (١) .
والغِشَاوَة: الغِطاء. ومنه يقال: غَشِّه بثوب، أي: غَطِّه. ومنه قيل: غاشية السَّرْج؛ لأنها غِطاء له. ومثلُه قوله: ﴿لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ﴾ (٢) .
* * *
٩- وقوله: ﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ﴾؛ يريد: أنهم يُخَادِعُونَ المؤمنين بالله؛ فإذا خادعوا المؤمنين بالله: فكأنهم خادعوا الله. وخِدَاعُهُمْ إيّاهم، قولهم لهم إذا لقُوهم: ﴿قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ﴾ أي: مَرَدَتِهِمْ؛ ﴿قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾ (٣) . وما يُخَادِعون إلا أنفسهم: لأن وَبَالَ هذه الخديعة وعاقبتها راجعة عليهم؛. وهم لا يَشْعُرُون.
(١) جرى على هذا الرأي أبو جعفر الطبري فقال ١/٢٦٢ " وقوله: (وعلى أبصارهم غشاوة) خبر مبتدأ بعد تمام الخبر عما ختم الله عليه من جوارح الكفار الذين مضت قصصهم. وذلك أن "غشاوة" مرفوعة بقوله: "وعلى أبصارهم"، فذلك دليل على أنه خير مبتدأ، وأن قوله: "ختم الله على قلوبهم" قد تناهى عند قوله: "وعلى سمعهم" وذلك هو القراءة الصحيحة عندنا". (٢) سورة الأعراف ٤١. (٣) سورة البقرة ١٤.
1 / 40