الفصل السادس
أجوبة غير مقنعة
أتيت جينوى آمل أن أحظى بالطبيب سنيري دون مشقة؛ لأنه من شأن الأطباء إذاعة أسمائهم ومحلات سكنهم لرواج بضاعتهم، ولكن ساء ما توهمت؛ فإني قضيت أسبوعا بالتفتيش عن سنيري ولم أقف له على أثر. وأخيرا تيقنت أنه إما أن يكون قد أخبرني بغير اسمه الحقيقي، أو أن جينوى لم تكن وطنه كما زعم، ولكن كيف كان الحال فقد آليت على نفسي ألا أنفك عن التفتيش عنه حتى أجده ولو بذلت في ذلك ما عز وهان.
لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى
فما انقادت الآمال إلا لصابر
وفي صباح اليوم الثاني بينما كنت أتجول في شوارع المدينة إذ لمحت عن بعد رجلا ظهر لي أني أعرفه قبلا، فدنوت منه، وبعد إمعان النظر فيه ألفيته نفس الشاب الذي كاد يتخاصم مع رفيقي إدوار بإيطاليا، فقلت في نفسي: أبشر يا جلبرت فقد فزت بالمرام؛ فإن هذا الشاب يطلعك على ما تريد معرفته، لأنه لا بد أن يكون من أصدقاء الطبيب، وحينئذ دنوت منه وحييته بالإنكليزية، فرد تحيتي بأحسن منها، فبادرته بالكلام قائلا: هل لك يا سيدي أن تجيبني على سؤال أعرضه عليك؟ - قل ما تشاء فإني مستعد أن أقدم لك ما يمكني من الخدم. - أطلب منك أن ترشدني إلى محل الطبيب مانويل سنيري.
ولم آت على هذه الكلمة حتى اضطرب وتغيرت ملامحه، ولكنه عاد فتغلب على اضطرابه بالحال، وأجاب بسكينة: إنني لا أعرف رجلا بهذا الاسم. وتركني وانصرف، فتبعته وأوقفته قائلا: كيف لا تعرفه وأنت أحد أصدقائه؟! - قلت لك إني لست أعرف رجلا يدعى سنيري فاقتصر. - لا خوف عليك يا سيدي من الإقرار بكونك صديقه، ولقد شاهدتك برفقته. - أين؟ - في تورين قرب دير الكاثوليك.
فحملق بي برهة، ثم قال: الآن تذكرت أنني رأيتك هناك صحبة شخص آخر، وقد أهنتما بالكلام إحدى السيدات فرمت المدافعة عنها. - إننا لم نقصد إهانتها يا سيدي، فأرجوك أن تتناسى ذلك، لا سيما وأن لأجل هذه الفتاة أسألك عن محل سنيري خالها.
فأجاب مندهشا: وكيف عرفت بأنه خالها؟ - هو قال لي ذلك. - إذن ينبغي قبل كل شيء أن نلتجئ إلى مكان منفرد؛ فإن الحديث ذو شأن. - هلم معي إلى النزل حيث أنا مقيم.
قلت ذلك وأخذت بذراعه حتى أتينا غرفتي، فقلت له: تكلم الآن فإننا بمأمن من إفشاء سرنا. - هل يمكني معرفة من أتشرف بمخاطبته؟ - جلبرت فوكهان. - أرجوك يا مستر فوكهان أن تفيدني أولا عن الأسباب التي تلجئك للبحث عن سنيري. - لا يمكنني أن أقول لك ذلك، فعذرا. - ولكن كيف تأتى لك المعرفة بابنة شقيقته؟ - عمن تعني؟ أعن زوجتي؟ - وهل بولينا زوجتك؟ - نعم.
Page inconnue