332

Garden of the Devout

روضة العابدين

Maison d'édition

مكتبة الجيل الجديد

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م

Lieu d'édition

صنعاء - اليمن

Genres

قال بعض الشعراء:
أَلَا إنَّمَا الدُّنْيَا كَأَحْلَامِ نَائِمِ … وَمَا خَيْرُ عَيْشٍ لَا يَكُونُ بِدَائِمِ
تَأَمَّلْ إذَا مَا نِلْت بِالْأَمْسِ لَذَّةً … فَأَفْنَيْتَهَا هَلْ أَنْتَ إلَّا كَحَالِمِ
فَكَمْ غَافِلٍ عَنْهُ وَلَيْسَ بِغَافِلٍ … وَكَمْ نَائِمٍ عَنْهُ وَلَيْسَ بِنَائِمِ (^١).
وَقَالَ الشَّاعِرُ:
تَمَتَّعْ مِنْ الْأَيَّامِ إنْ كُنْت حَازِمًا … فَإِنَّك مِنْهَا بَيْنَ نَاهٍ وَآمِرِ
إذَا أَبْقَتْ الدُّنْيَا عَلَى الْمَرْءِ دِينَهُ … فَمَا فَاتَهُ مِنْهَا فَلَيْسَ بِضَائِرِ
فَلَنْ تَعْدِلَ الدُّنْيَا جَنَاحَ بَعُوضَةٍ … وَلَا وَزْنَ ذَرٍّ مِنْ جَنَاحٍ لِطَائِرِ
فَمَا رَضِيَ الدُّنْيَا ثَوَابًا لِمُؤْمِنٍ … وَلَا رَضِيَ الدُّنْيَا جَزَاءً لِكَافِرِ (^٢).
والعيش في الدنيا كالاستظلال تحت شجرة ثم تُتترك ويُنتقل عنها إلى غيرها، فكيف ينشغل عاقل بالظل عن مواصلة طريقه إلى هدفه المنشود؟! فعن عبد الله بن مسعود ﵁ قال: نام رسول الله ﷺ على حصير فقام وقد أثر في جنبه، قلنا: يا رسول الله، لو اتخذنا لك وطاء، فقال: (ما لي وللدنيا ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها) (^٣).
والدنيا بجانب الآخرة قليلة، فأيُّ لبيب يدع الكثير ويقبل على القليل؟!
قال تعالى: ﴿فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ﴾ [التوبة: ٣٨]. يعني: ما الدنيا " التي مالت بكم، وقدمتموها على الآخرة ﴿إِلا قَلِيلٌ﴾ أفليس قد جعل اللّه لكم عقولا

(^١) أدب الدنيا والدين، للماوردي (ص: ١٣٤).
(^٢) المرجع السابق (ص: ١٣٥).
(^٣) رواه الترمذي (٤/ ٥٨٨)، وابن ماجه، (٢/ ١٣٧٦)، وهو صحيح.

1 / 336