135

Garden of the Devout

روضة العابدين

Maison d'édition

مكتبة الجيل الجديد

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م

Lieu d'édition

صنعاء - اليمن

Genres

قد خُبِئ لك، تغتر بصحتك وتنسى دنو السقم، وتفرح بعافيتك غافلًا عن قرب الألم، لقد أراك مصرعُ غيرك مصرعَك، وأبدى مضجعُ سواك قبل الممات مضجعك، وقد شغلك نيل لذّاتك عن ذكر خراب ذاتك. كأنك لم تسمع بأخبار مَنْ مضى … ولم ترَ في الباقين ما يصنعُ الدهرُ فإن كنتَ لا تدري فتلك ديارُهم … محاها مجالُ الريح بعدك والقطر كم رأيتَ صاحب منزل ما نزل لحدَه حتى نزل! وكم شاهدت والي قصر وليه عدوه لما عُزل! فيا مَنْ كلُّ لحظة إلى هذا يسري، وفعلُه فعل من لا يفهم ولا يدري. وكيف تنامُ العينُ وهي قريرة … ولم تدر من أيّ المحلين تنزل؟ " (^١) أسباب الغفلة: إن الغفلة عن الله وعن دينه وعن العمل للدار الآخرة مرض له أسباب توصل إليه، فمن ذلك: أولًا: الجهل بالله تعالى، وقلة المعرفة بشرعه، فمن كان عالمًا بالله تعالى عظم في قلبه قدره، واتسع فيه جلاله وهيبته، فذكره بأمره ونهيه، وخشي أن يكون في غفلة عنه، فإذا خلا القلب من أنوار هذه المعرفة حلّ فيه ظلام الغفلة. والعلم بشريعة الله يدعو إلى اليقظة إلى عمل الآخرة والاستعداد للقاء الله فيها، فمن جهل ذلك استغرق حياته في العمل لدنياه وغفل عن العمل لآخرته. قال ابن القيم: " والمقصود أن الغفلة والكسل اللذين هما أصل الحرمان سببهما عدم العلم، فعاد النقص كله إلى عدم العلم والعزيمة، والكمال كله إلى العلم والعزيمة" (^٢). ثانيًا: طول الأمل وقلة التفكر في فجأة الأجل، فمن طال أمله عاش في كنف الغفلة

(^١) صيد الخاطر، لابن الجوزي (ص: ٢). (^٢) مفتاح دار السعادة، لابن القيم (١/ ١١٤).

1 / 139