113

Garden of the Devout

روضة العابدين

Maison d'édition

مكتبة الجيل الجديد

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م

Lieu d'édition

صنعاء - اليمن

Genres

إِذا خِفْته هربت منه إِلاَّ الله فإِنَّك إِذا خفته هربت إِليه" (^١). فإذا ذهبت أنوار الخوف تاه الإنسان عن غايته في الوصول إلى ربه، قال ذو النّون: "النّاس على الطّريق ما لم يزُل عنهم الخوف، فإذا زال عنهم الخوف ضلّوا عن الطّريق" (^٢). إن العبد محتاج إلى ملازمة خوف الله تعالى احتياجًا شديدًا؛ لأنه مطية نجاته، وسبيل راحته وصلاحِ دنياه وآخرته. وتعظم أهمية ملازمة الخوف في مثل هذا الزمان الذي قل فيه الصالحون والمصلحون، وكثر فيه الفاسدون والمفسدون، وغلبت على الجوارح فتن الشهوات وتغلغلت في العقول فتن الشبهات، فظهرت المعاصي وجاهر العصاة وقلّت الطاعات وأهلها، وكثرت المنكرات وازداد دعاتها والمقبلون عليها، وحورب المعروف وضُيِّق عليه، حتى أصبح المنكر معروفًا والمعروف منكرًا، والباطل حقًا والحق باطلًا! في مثل هذه الأجواء المتخمة بالذنوب والمذنبين، والملطخة بتغير المفاهيم والأفكار وتقلب المبادئ والمواقف تزداد الحاجة إلى التحرز بحصن الخوف من الله تعالى؛ ليكون ذلك مأوى يعصم الإنسان من الخطيئة وينجيه من عواقبها الوخيمة. ولكن لابد مع الخوف من رجاء حتى لا تنساق خطى المرء إلى أودية اليأس والقنوط، فالخوف والرجاء جناحان يطار بهما إلى الآفاق الصحيحة، قال الحسن البصريّ: " الرّجاء والخوف مطيّتا المؤمن" (^٣). وقال الغزاليّ: "إنّ الرّجاء والخوف جناحان بهما يطير المقرّبون إلى كلّ مقام محمود، ومطيّتان بهما يقطع من طرق الآخرة كلّ عقبة كؤود" (^٤). وفي بعض الأحوال يُطلب ترجيح الخوف على الرجاء وفي بعضها الآخر ترجيح

(^١) بصائر ذوى التمييز في لطائف الكتاب العزيز، للفيروزآبادي (ص: ٧٤٧). (^٢) المرجع السابق. (^٣) الزهد، لابن حنبل (ص: ٢٦٥). (^٤) إحياء علوم الدين، للغزالي (٤/ ١٤٢).

1 / 117