بدؤها عفو الله، ولولا عفو الله لم تكن عافية قط. سمعت أبا الحسين بن مقسم يقول: سمعت جعفر الخلدي يقول: سمعت إبراهيم الخواص ﵏ يقول: العافية لا يحلها إلا نبي أو صديق. سمعت أبا عثمان المغربي يقول: أكيس الناس من قدر على صحبة العافية.
ومن الفتوة أن لا تبخل بما معك إذا قدرت على بذله. «قال النبي ﷺ لرجل: من سيدكم؟ قال: الجد بن قيس على إن فيه بخلًا. قال النبي ﵇: وأي داء أدوى من البخل» سمعت أبا العباس البغدادي يقول: أخبرني محمد بن عبد الله الفرغاني، حدثنا أحمد بن مسروق، قال: كنت مع أبي نصر المحب في بعض طرقات بغداد، وكان عليه إزار جديد قيمته ثمانية دنانير، فاستقبلنا سائل يسأل بمحمد ﷺ، فأخذ الإزار وطواه باثنين وشقه وأعطاه النصف، ومشى خطوات، ثم قال هذه نذالة. ورجع وطرح عليه النصف الآخر.
ومن الفتوة القناعة والرضا بالقليل لئلا يكون مستعبدًا. سمعت محمد ابن الحسن يقول: حدثنا أحمد بن محمد بن صالح، حدثنا محمد بن عبدون، حدثنا حسن المسوحي، أخبرني بشر بن الحارث، ورآني يومًا باردًا، وعلي خلق، وأنا أرتعد من البرد، فنظر إلي وأنشأ يقول:
1 / 52