50- الخلاف في حكم أهل الفترة والآيات الواردة فيهم
السؤال :
هل لأهل الخلاف دليل على دعواهم إعذار أهل الفترة أم هو من جملة تقولهم على الله بما لم يعلموا ؟ وهل كلهم مطبقون على ذلك أم بعض منهم دون بعض ؟ فضلا منك بالجواب .
الجواب :
أهل الخلاف فرق كثيرة، والمخالف في المسألة الأشاعرة فقط ولعلهم أيضا لم يتفقوا كلهم على ذلك بل أكثرهم عليه، ولا دليل لهم على ذلك إلا أنهم تمسكوا بقوله تعالى { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} (الإسراء:15) مع قوله عز من قائل { لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون}(يس:6) قالوا: والغافل غير مكلف .
وقد جاءت أخبار يعترفون بصحتها مصرحة بتعذيب أشخاص ماتوا في زمان الفترة فقصروها على أولئك الأشخاص وعذروا من بعدهم فيقال لهم إن كان العذر واقعا لغيرهم لأجل الفترة فالمنصوص على تعذيبهم ماتوا فيها والحكمة إلهية تقتضى عدم الفرق مع اتحاد المعنى .
أما قوله تعالى { وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} فمسوق في معرض هلاك الدنيا أي لا يهلك الله قوما بالخسف والصيحة أو الإغراق أو نحو ذلك من آثار الغضب إلا بعد أن يبعث إليهم رسولا يخوفهم عقوبة ذلك، كما أرسل نوحا إلى قومه وكذلك هود وصالح ولوط وشعيب عليهم السلام .
وإن قلنا أن الآية عامة في عذاب الدنيا والآخرة فإن الله سبحانه وتعالى قد أرسل الرسل مبشرين ومنذرين وقامت على الناس بهم الحجة ودعوتهم واحدة في تحريم الشرك ووجوب الإيمان والعقول شاهدة بذلك فالعذاب إنما كان بعد بعث الرسل .
وأما قوله تعالى { ما أنذر آباؤهم } فمعناه أن الله سبحانه وتعالى لم يرسل إلى العرب في خاصة أنفسهم نذيرا قبل محمد " .
والمراد بالعرب آباء المنذرين من قريش ونحوهم فإنهم لم يأتهم نذير ( رسول ) يخصهم وإن كانت دعوة الرسل عامة والحجة بذلك قائمة .
Page 70