طلاب العلم والعبادة من الوساوس والشبهات ما ليس عند غيرهم، لأن (أي الغير) لم يسلك شرع الله ومنهاجه، بل هو مقبل على هواه في غفلة عن ذكر ربه، وهذا مطلوب الشيطان بخلاف المتوجهين إلى ربهم بالعلم والعبادة، فإنه عدوهم يطلب صدهم عن الله تعالى". أ. هـ. المقصود منه ذكره في صلي الله عليه وسلم ١٤٧ من الطبعة الهندية.
فأقول لهذا السائل: إذا تبين لك أن هذه الوساوس من الشيطان فجاهدها وكابدها، واعلم أنها لن تضرك أبدًا مع قيامك بواجب المجاهدة والإعراض عنها، والانتهاء عن الانسياب وراءها، كما قال النبي، ﷺ: «إن الله تجاوز عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل به أو تتكلم» . متفق عليه (١) .
وأنت لو قيل لك: هل تعتقد ما توسوس به؟ وهل تراه حقًا؟ وهل يمكن أن تصف الله سبحانه به؟ لقلت: ما يكون لنا أن نتكلم بهذا، سبحانك هذا بهتان عظيم، ولأنكرت ذلك بقلبك ولسانك، وكنت أبعد الناس نفورًا عنه، إذن فهو مجرد وساوس وخطرات تعرض لقلبك، وشباك شرك من الشيطان الذي يجري من ابن آدم مجرى الدم، ليرديك ويلبس عليك دينك.
ولذلك تجد الأشياء التافهة لا يلقي الشيطان في قلبك الشك فيها أو الطعن، فأنت تسمع مثلًا بوجود مدن مهمة كبيرة مملوءة
_________
(١) أخرجه البخاري، كتاب العتق، باب الخطأ والنسيان في العتاقة والطلاق (٢٥٢٨)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب (١٢٧)
1 / 37