يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، فقال: "أو قد وجدتموه؟ "، قالوا: نعم، قال: «ذاك صريح الإيمان» . رواه مسلم (١)، وفي الصحيحين عنه أيضًا أن النبي، ﷺ، قال: «يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول من خلق ربك؟! فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته» (٢) .
وعن ابن عباس ﵄ أن النبي، ﷺ، جاءه رجل فقال: إني أحدث نفسي بالشيء لأن أكون حممة أحب إلي من أن أتكلم به، فقال النبي، ﷺ: «الحمد لله الذي رد أمره إلى الوسوسة» (٣) رواه أبو داود.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ في كتاب الإيمان: والمؤمن يبتلى بوساوس الشيطان بوساوس الكفر التي يضيق بها صدره. كما قالت الصحابة يا رسول الله إن أحدنا ليجد في نفسه ما لأن يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يتكلم به. فقال ﵊ «ذاك صريح الإيمان» . وفي رواية ما يتعاظم أن يتكلم به. قال: «الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة» . أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له، ودفعه عن القلب هو من صريح الإيمان، كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه، فهذا عظيم الجهاد، إلى أن قال: "ولهذا يوجد عند
_________
(١) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الوسوسة في الإيمان (١٣٢) .
(٢) أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده (٣٢٧٦) . وأخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الوسوسة في الإيمان (١٣٤) .
(٣) أخرجه أبو داود، كتاب الأدب، باب في رد الوسوسة (٥١١٢)، والإمام أحمد في المسند ١/٣٤٠.
1 / 36