الثالث: أنا نعارضهم بالبينات لأن في كتبهم نبينا -عليه السلام- منها قول يعقوب عليه السلام: لا يزال الملك من يهودي والوحي من بني رحيلية حيا يأتي الذي له الملك وإياه ينصر الأمم محمرة عيناه كشارب الخمر بيض أسنانه كشكل البرد واللبن، وهذه صفة نبينا -عليه وآله الصلاة والسلام- [ 17أ-أ].
وفي السفر الثاني من التوراة: "جاء الرب من سيناء واشترق من ساعده وأنور واستعلى في جبال فران"(1) والمراد جاء أمر الرب وهذه سعادة لموسى -عليه السلام- وعيسى ومحمد -صلى الله عليه وآله وسلم - لأن جبال فاران هي جبال مكة( )، وقد قيل أن هذه البشارات ونحوها من التوراة كانت سبب إسلام عبد الله بن سلام (2) وبحيرا الراهب (3) قوله: "وأن شريعته ليست من المنسوخات" دليل ذلك أنه -صلى الله عليه وآله وسلم- خاتم الأنبياء كما في القرآن وثبوت ذلك يثبت أن شريعته لا تنسخ.
ولهذا قالت المعتزلة (4) أن عيسى لا ينزل إلى الأرض إلا بعد ارتفاع التكليف أعني لأن شريعته لا تنسخ قالوا إذا أيعيد الله نبينا -عليه السلام- كان ذلك تنفيرا عنه.
وقال بعضهم (5) بل نعبد بها ولا يكون تنفيذا وقيل بل يتعبد بشريعته، ولا يأمر الناس بشريعتهم والدليل على أنه -صلى الله عليه وآله وسلم- أفصل الأنبياء بعد صحة نبوته قوله -صلى الله عليه وآله وسلم-[ ]((أدم ومن دونه تحت لوائي يوم القيامة)) (6) فصح أنه أفضلهم إلى غير ذلك.
Page 68